مقدمة الخلوة الشخصية دعانا الله الى رحلة للإستمتاع بالإله الحي في شخص الرب يسوع، يقودك فيها شخص الروح القدس لإكتشاف جمال وروعة الله من خلال علاقة حية حميمة معه، فيها أخذ الله الدور المبادر فأرسل الينا أبنه ليصالحنا ويجذبنا اليه لنسكن فيه ويسكن فينا، دعانا الله أن نسمعه ونشاهده ونلمسه حتى نعرفه، أن نكلمه ونستمع اليه وذلك من خلال الصلاة وقراءة الكلمة المقدسة التي هي ممارسة العلاقة الشخصية مع الله وهو مانسميه الخلوة الشخصية والتي فيها تكون كل مقابلة معه بمثابة خطوة لهذا المكان المقدس ولمسة لهذا الإله العجيب المتواضع المحب الذي أعطى نفسه لهذه العلاقة، فهو لم يعطي فقط بركات أو أشياء قد نحتاجها في مسيرتنا معه، لكنه قد أعطى كل حياته ونفسه لك ولي، وفي مقدمتنا لهذا الموضوع سوف نتعرف سريعاً على كيف يمكننا أن نقضي هذا الوقت مع الله وماهي العوائق وكيف يمكننا أن نتغلب عليها.
تحدث الرب يسوع مع التلاميذ مرات عديدة عن الصــلاة ودورهـــا العظيم في حياتنا بل أوصاهم أن يســهروا ويصـلوا،
( لوقا 22 : 46 ) «فَقَالَ لَهُمْ: «لِمَاذَا أَنْتُمْ نِيَامٌ؟ قُومُوا وَصَلُّوا لِئَلاَّ تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ».
( متي 26: 41 )« اِسْهَرُوا وَصَلُّوا لِئَلَّا تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ. أَمَّا الرُّوحُ فَنَشِيطٌ وَأَمَّا الْجَسَدُ فَضَعِيفٌ».
(لوقا 18 : 1 )«”وَقَالَ لَهُمْ أَيْضاً مَثَلاً فِي أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُصَلَّى كُلَّ حِينٍ وَلاَ يُمَلَّ»”
ويكتب بولس الرسول لكنيسة فيلبي أن لا تهتم بشيء بل في كل شيء بالصلاة والدعاء مع الشكر، وإلى أهل أفسس أن يصلوا كل وقت في الروح
(فيلبي 4 : 6 ) «لاَ تَهْتَمُّوا بِشَيْءٍ، بَلْ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِالصَّلاَةِ وَالدُّعَاءِ مَعَ الشُّكْرِ، لِتُعْلَمْ طِلْبَاتُكُمْ لَدَى اللهِ.»
(افسس 6: 18 ) «مُصَلِّينَ بِكُلِّ صَلاَةٍ وَطِلْبَةٍ كُلَّ وَقْتٍ فِي الرُّوحِ، وَسَاهِرِينَ لِهَذَا بِعَيْنِهِ بِكُلِّ مُواظَبَةٍ وَطِلْبَةٍ، لأَجْلِ جَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ»
إن رجال الله في الكتاب المقدس كانوا رجال صلاة والكنيسة الأولى كانت كنيسة مُصلية؛ عرفت كيف تستخدم قوة الصلاة لحياتها وتحقيق رسالتها:
(أعمال 2: 43) «وَصَارَ خَوْفٌ فِي كُلِّ نَفْسٍ. وَكَانَتْ عَجَائِبُ وَآيَاتٌ كَثِيرَةٌ تُجْرَى عَلَى أَيْدِي الرُّسُلِ.»
(أعمال 4: 24)«فَلَمَّا سَمِعُوا رَفَعُوا بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ صَوْتاً إِلَى اللهِ وَقَالُوا: «أَيُّهَا السَّيِّدُ أَنْتَ هُوَ الإِلَهُ الصَّانِعُ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَالْبَحْرَ وَكُلَّ مَا فِيهَا»
أحد الأسباب الرئيسية لضعف حياة الكثيرين من المؤمنين وفشل خدمتهم يرجع إلى إهمال حياة الصلاة والشركة مع الرب.
بل إن فتور الكنيسة وعجزها عن تحقيق رسالتها بالصورة التي تليق بمجد الله، كان سببه في مرات عديدة إهمال الصلاة.
إن إحدى أهم الأمور التي يهتم عدو الخير أن يشغلنا عنها ويحاربنا لكي لا نمارسها الصلاة، لأنه يعلم أنها مصدر القوة والحياة لقلوبنا واليد القادرة على تحقيق الكثير لمجد الله.
1- مفهوم الخلوة
الصلاة ليست مجرد كلمات نتفوه بها أو واجب نفعله لكنها:
تحول النفس إلى الله
تحول الذهن والقلب عن كل ما يدور حولهما – حتى عن ذاتي نفسها – إلى الله وهي التحول عن كل ما يُرى إلى ما لا يُري
(مز25: 1 ) «إِلَيْكَ يَا رَبُّ أَرْفَعُ نَفْسِي.»
(1 صم 1: 15)«فَأَجَابَتْ حَنَّةُ: «لاَ يَا سَيِّدِي. إِنِّي امْرَأَةٌ حَزِينَةُ الرُّوحِ وَلَمْ أَشْرَبْ خَمْراً وَلاَ مُسْكِراً, بَلْ أَسْكُبُ نَفْسِي أَمَامَ الرَّبِّ»
طلب وجه الله
(مز 27: 8 ) «لَكَ قَالَ قَلْبِي: قُلْتَ اطْلُبُوا وَجْهِي. وَجْهَكَ يَا رَبُّ أَطْلُبُ»
(إش 55: 6) «اُطْلُبُوا الرَّبَّ مَا دَامَ يُوجَدُ. ادْعُوهُ وَهُوَ قَرِيبٌ.»
فهي طلب الله ذاته شخصه، وليس مجرد طلب العناية أو الإرشاد.
فالصلاة هي:
1. لقاء خاص شخصي علي انفراد بالرب
(متي 6: 6) «وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صَلَّيْتَ فَادْخُلْ إِلَى مِخْدَعِكَ وَأَغْلِقْ بَابَكَ وَصَلِّ إِلَى أَبِيكَ الَّذِي فِي الْخَفَاءِ. فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً»
(متي14: 23) «وَبَعْدَمَا صَرَفَ الْجُمُوعَ صَعِدَ إِلَى الْجَبَلِ مُنْفَرِداً لِيُصَلِّيَ. وَلَمَّا صَارَ الْمَسَاءُ كَانَ هُنَاكَ وَحْدَهُ.»
( لوقا 9: 18)«وَفِيمَا هُوَ يُصَلِّي عَلَى انْفِرَادٍ كَانَ التَّلاَمِيذُ مَعَهُ. فَسَأَلَهُمْ: «مَنْ تَقُولُ الْجُمُوعُ إِنِّي أَنَا؟»
2. يجري في هذا اللقاء حديث متبادل بيننا وبينه.. نتكلم إليه ويتحدث هو أيضا الينا فالحديث ليس من طرف واحد.
وهذا ما يعطي للصلاة قيمتها الرائعة، لأننا فيها نلتقي بشخص الله العظيم ملك الملوك ورب الأرباب حيث ينصت إلينا باهتمام ونسمع صوته وحديثه معنا.
الصلاة ليست فرضاً نؤديه .. لنرضي الله لكنها دعوة الله لنا لنتقابل معه
(نش 2 :14) «يَا حَمَامَتِي فِي مَحَاجِئِ الصَّخْرِ فِي سِتْرِ الْمَعَاقِلِ. أَرِينِي وَجْهَكِ. أَسْمِعِينِي صَوْتَكِ لأَنَّ صَوْتَكِ لَطِيفٌ وَوَجْهَكِ جَمِيلٌ».
دعوة تعبرعن اشتياق الله إلينا للانفراد بنا
بل هي احتياج نفوسنا للاختلاء بالرب نستريح فيه (تعالوا إلى موضع خلاء واستريحوا) لنري وجهه ونسمع صوته
والى اللقاء في الحلقة القادمة…