شخصية المسيح – حلقة 3 – نظريات الإخلاء

مدرسة المسيح · شخصية المسيح – حلقة 3– نظريات الإخلاء

 

في الحلقتين الماضيتين بدأنا رحلة معرفة الرب يسوع المسيح، وهنا نتوقف عند مفهوم الإخلاء- تلك الكلمة التي اختارها الرسول بولس وهو يكتب إلى كنيسة فيلبي واصفاً وشارحاً ما صنعه الرب يسوع لأجل فداء البشرية

– «فَلْيَكُنْ فِيكُمْ هَذَا الْفِكْرُ الَّذِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ أَيْضاً: الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً لِلَّهِ، لَكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذاً صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِراً فِي شِبْهِ النَّاسِ. وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ، مَوْتَ الصَّلِيبِ» (في2: 5-8)

في تعريفنا لكلمة “أخلى نفسه” نجد ثلاث نظريات توضحها وتفسرها وهي:

نظريات الإخلاء:
1- التخلي عن اللاهوت

أي أن المسيح صار إنساناً عادياً بدون لاهوت.

2- التخلي عن مجد اللاهوت

وتعني التخلي عن الصورة فقط أي صورة مجد اللاهوت، لكنه عاش بناسوته ولاهوته معاً.

3- التخلي عن استخدام اللاهوت

أي تخلى عن استخدام اللاهوت، وحدود هذا التخلي هي: –

عدم استخدام اللاهوت ليعلن عن ألوهيته والتي هي حقيقته.
– لم يستخدم اللاهوت لمصلحته في النصرة على الخطية، أو ليعين نفسه على تحمل الآم الصليب، أو لينجي نفسه من تجربة إبليس. فعنده كل الحق في استخدام اللاهوت لكنه لم يستخدمه لمصلحته الشخصية، وكان قراره أن لايعتمد عليه. وهذه هي النظرية التي نؤمن بها، لأنه بهذا يكون الإنسان يسوع المسيح الذي يمكن أن يكون بديلاً عنا، وفي الوقت نفسه يكون الإله الذي يحمل خطايا العالم كله. وبالتالي فالأمر ليس تمثيلية قرر الله أن ينفذها لكي يُظهر للناس مدى تألمه عنهم، بل الإخلاء الذي جازه المسيح كان التخلي عن استخدام اللاهوت لمصلحته الشخصية.

وهناك الكثير من الآيات التي ذكرها الوحي والتي تتكلم عن يسوع الانسان، وهذه هي الحقيقة فهو بالحق إنسان كامل – وكان هذا اللقب من أحب الألقاب إليه- لكنه أيضاً إله كامل، ولكن الكثيرين من الذين لا يفهمون ماهو التخلي يشيرون بإصبع الإتهام إلى هذه الآيات على أنها تثبت أن المسيح لم يكن إله بل هو إنسان فقط، مدعيين أن هذا ما شهد به المسيح عن نفسه

. الإنسان يسوع المسيح

– «لأَنَّهُ يُوجَدُ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَوَسِيطٌ وَاحِدٌ بَيْنَ اللهِ وَالنَّاسِ: الإِنْسَانُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ» (1تي 2: 5)

– «لِكَيْ تَعْلَمُوا أَنَّ لاِبْنِ الإِنْسَانِ سُلْطَاناً عَلَى الأَرْضِ أَنْ يَغْفِرَ الْخَطَايَا..» (متى 9: 6)

– «وَابْتَدَأَ يُعَلِّمُهُمْ أَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ يَنْبَغِي أَنْ يَتَأَلَّمَ كَثِيراً..» (مر 8: 31)

– «يُرْسِلُ ابْنُ الإِنْسَانِ مَلاَئِكَتَهُ فَيَجْمَعُونَ مِنْ مَلَكُوتِهِ جَمِيعَ الْمَعَاثِرِ وَفَاعِلِي الإِثْمِ» (متى 13: 41)

– «وَحِينَئِذٍ يُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ آتِياً فِي سَحَابٍ بِقُوَّةٍ كَثِيرَةٍ وَمَجْدٍ» (مر 13: 26)

جسد حقيقي

– «فَإِذْ قَدْ تَشَارَكَ الأَوْلاَدُ فِي اللَّحْمِ وَالدَّمِ اشْتَرَكَ هُوَ أَيْضاً كَذَلِكَ فِيهِمَا.. مِنْ ثَمَّ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُشْبِهَ إِخْوَتَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ، لِكَيْ يَكُونَ رَحِيماً» (عب 2: 14-18)

– «بِهَذَا تَعْرِفُونَ رُوحَ اللهِ: كُلُّ رُوحٍ يَعْتَرِفُ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الْجَسَدِ فَهُوَ مِنَ اللهِ» (1يو4: 2)

– «لأَنَّهُ قَدْ دَخَلَ إِلَى الْعَالَمِ مُضِلُّونَ كَثِيرُونَ، لاَ يَعْتَرِفُونَ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ آتِياً فِي الْجَسَدِ. هَذَا هُوَ الْمُضِلُّ، وَالضِّدُّ لِلْمَسِيحِ» (2يو 1: 7)

عند التأمل في هذه الحقيقة أن المسيح لم يستخدم اللاهوت لمصلحته الشخصية، نجد أن وصية المسيح لنا أن نتبع أثر خطواته ونتمثل به تُعد حقيقة واقعية، لأنه لو كان قد استعان بلاهوته لكي يستطيع أن يعيش في العالم ويحتمل تجربة إبليس فلن نستطيع نحن أن نعيش هذه الحياة التي يطالبنا هو بها، لذلك لم يستخدم المسيح لاهوته لكي يعيش حياة البر والقداسة.

الدرس الهام هو: «فَلْيَكُنْ فِيكُمْ هَذَا الْفِكْرُ الَّذِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ أَيْضاً: الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً لِلَّهِ، لَكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذاً صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِراً فِي شِبْهِ النَّاسِ. وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ، مَوْتَ الصَّلِيبِ» (في2: 5-8)

«فَلْيَكُنْ فِيكُمْ هَذَا الْفِكْرُ» فكر الإخلاء من الحقوق الشرعية كإنسان وكابن لله من أجل الآخرين.

ونتيجة الإخلاء هي: «لِذَلِكَ رَفَّعَهُ اللهُ أَيْضاً، وَأَعْطَاهُ اسْماً فَوْقَ كُلِّ اسْمٍ». وهذا ماصنعه المسيح فلقد تخلى عن حقوقه الشرعية في السلطة والإحترام لكي يصل إلى الخطاة والأثمة والفجار، لذا استطاع أن يصل إلى البعيدين والقريبين لكي يُحضرهم إلى ملكوت السموات.

وهناك الكثير من الأمثله في الكتاب المقدس لأشخاص كثيرين عاشوا هذا الإخلاء مثل:

– القديسة العذراء مريم: تخلَّت عن حقها في السُّمعة الحسنة وفي الزواج الطبيعي والأمومة فصار لقبها “القديسة” وهو ما كانت على أتم الإستعداد أن تتركه لأجل المسيح معتبرة نفسها بلاقيمة أمام مجد الدعوة التي يدعوها إليها الله:

“وَفِي الشَّهْرِ السَّادِسِ أُرْسِلَ جِبْرَائِيلُ الْمَلاَكُ مِنَ اللهِ إِلَى مَدِينَةٍ مِنَ الْجَلِيلِ اسْمُهَا نَاصِرَةُ 27إِلَى عَذْرَاءَ مَخْطُوبَةٍ لِرَجُلٍ مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ اسْمُهُ يُوسُفُ. وَاسْمُ الْعَذْرَاءِ مَرْيَمُ. 28فَدَخَلَ إِلَيْهَا الْمَلاَكُ وَقَالَ: «سَلاَمٌ لَكِ أَيَّتُهَا الْمُنْعَمُ عَلَيْهَا! اَلرَّبُّ مَعَكِ. مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ». 29فَلَمَّا رَأَتْهُ اضْطَرَبَتْ مِنْ كَلاَمِهِ وَفَكَّرَتْ مَا عَسَى أَنْ تَكُونَ هَذِهِ التَّحِيَّةُ! 30فَقَالَ لَهَا الْمَلاَكُ: «لاَ تَخَافِي يَا مَرْيَمُ لأَنَّكِ قَدْ وَجَدْتِ نِعْمَةً عِنْدَ اللهِ. 31وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْناً وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ. 32هَذَا يَكُونُ عَظِيماً وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلَهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ 33وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ». 34فَقَالَتْ مَرْيَمُ لِلْمَلاَكِ: «كَيْفَ يَكُونُ هَذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلاً؟» 35فَأَجَابَ الْمَلاَكُ: «اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ فَلِذَلِكَ أَيْضاً الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ” (لو1: 26- 35)

– بولس الرسول: تخلى عن حقه في الزواج، والاستقرار، والحرية:

“فَإِنِّي إِذْ كُنْتُ حُرّاً مِنَ الْجَمِيعِ اسْتَعْبَدْتُ نَفْسِي لِلْجَمِيعِ لأَرْبَحَ الأَكْثَرِينَ. فَصِرْتُ لِلْيَهُودِ كَيَهُودِيٍّ لأَرْبَحَ الْيَهُودَ وَلِلَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ كَأَنِّي تَحْتَ النَّامُوسِ لأَرْبَحَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ وَلِلَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ كَأَنِّي بِلاَ نَامُوسٍ مَعَ أَنِّي لَسْتُ بِلاَ نَامُوسٍ لِلَّهِ بَلْ تَحْتَ نَامُوسٍ لِلْمَسِيحِ لأَرْبَحَ الَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ. صِرْتُ لِلضُّعَفَاءِ كَضَعِيفٍ لأَرْبَحَ الضُّعَفَاءَ. صِرْتُ لِلْكُلِّ كُلَّ شَيْءٍ لأُخَلِّصَ عَلَى كُلِّ حَالٍ قَوْماً. وَهَذَا أَنَا أَفْعَلُهُ لأَجْلِ الإِنْجِيلِ لأَكُونَ شَرِيكاً فِيهِ” (1كو9: 19- 23)

والى اللقاء في الحلقة القادمة

 

 

 

SOC-PowerPoint.jpg SOC-pdf-logo.jpg SOC-Q.jpg SOC-Word.jpg
P-Point الحلقة كـ PDF الحلقة كـ أسئلة الحلقة word الحلقة كـ


Pin It on Pinterest

Share This