الانفصال عن الله مهما كانت طريقته سواء مهذبة أم عنيفة هو إنفصال عن الله، لذا فالموت الروحي لكل إنسان هو موت متساوي مهما أختلفت طرق هذا الموت سواء كان بطريقة هادئة أم عنيفة
أولاً: ما يتعلق بالإنسان
ب- نفسياً:
لم تتوقف نتائج الخطية في حياة الإنسان عند حد انفصاله عن الله، بل امتدت لتخرب كل جزء في كيانه.
– فإن دخول الخطية إلى تكوين الإنسان قد أحدث فساداً أدبياً هائلاً في طبيعته وميوله ورغباته.
– ونحن نستطيع أن نرى تلك الإرادة المنحرفة والفكر الفاسد الذي يختلف تماماً بل ويتصارع مع القانون الأدبي الذي نحمله داخلنا.
– ولم تعد روح الإنسان هي التي تقوده وتحكم حياته، بل صار الإنسان كائناً نفسياً أو جسدياً (نفسانياً) تحكمه دوافعه النفسية من أنانية وكبرياء، أو دوافعه الجسدية من شهوات ورغبات.
بل إن الإنسان قد صار عبداً للخطية وطبيعتها، فهو يرفضها بضميره وذهنه المستنير مع أنه يميل إليها ويفعلها،
وهذا ما عبر عنه بولس الرسول في ( رو 7: 19 ): «لأَنِّي لَسْتُ أَفْعَلُ الصَّالِحَ الَّذِي أُرِيدُهُ، بَلِ الشَّرَّ الَّذِي لَسْتُ أُرِيدُهُ فَإِيَّاهُ أَفْعَلُ».
أيضاً ما قاله الرب يسوع: «إِنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ الْخَطِيَّةَ هُوَ عَبْدٌ لِلْخَطِيَّةِ.» (يو 8 : 34).
كما أن خروج الإنسان من دائرة النور والبر بتمرده وعصيانه واستقلاله عن الله قد أدخله إلى مملكة الظلمة، وبذلك سمح لرئيس سلطان الهواء (إبليس) أن يسود ويتسلط عليه
. يقول الكتاب: « الَّذِينَ فِيهِمْ إِلَهُ هَذَا الدَّهْرِ قَدْ أَعْمَى أَذْهَانَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لِئَلاَّ تُضِيءَ لَهُمْ إِنَارَةُ إِنْجِيلِ مَجْدِ الْمَسِيحِ، الَّذِي هُوَ صُورَةُ اللهِ» (2كو 4:4)
«فَيَسْتَفِيقُوا مِنْ فَخِّ إِبْلِيسَ إِذْ قَدِ اقْتَنَصَهُمْ لإِرَادَتِهِ» (2تي 2: 26)،
«أَنْتُمْ مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ، وَشَهَوَاتِ أَبِيكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا… (يو 8: 44)
لأسباب السابقة هي التي أدت في مجموعها إلى الكثير من المعاناة والاضطراب النفسي والمعنوي.
مظاهر المعاناة النفسية:
1- الضياع
«إِنَّكَ قَدْ طَرَدْتَنِي الْيَوْمَ عَنْ وَجْهِ الأَرْضِ، وَمِنْ وَجْهِكَ أَخْتَفِي، وَأَكُونُ تَائِهاً وَهَارِباً فِي الأَرْضِ، فَيَكُونُ كُلُّ مَنْ وَجَدَنِي يَقْتُلُنِي» (تك 4: 14)
– لاحظ كلمة “تائهاً” إن فقدان العلاقة مع الله قد حرم الإنسان من الانتماء إلى الخالق؛ نبع الحياة، والكيان المطلق الذي ينتسب إليه
.- إن الإنسان في كيانه المحدود لا يستطيع أن ينتسب إلى ذاته أو إلى الخليقة المحدودة المحيطة به، فلأنه محدود لا يستطيع أن يُنسب لآخر محدود نظيره.
– وبذلك فقد الإنسان معنى وغاية وجوده بل ذاته نفسها، فأصبح من أنا ولماذا أنا؟ هو سؤال البشرية اللحوح، بل أيضاً من أين جئت؟ وإلى أين أنا ذاهب؟
2- الوحدة
– إن الأنانية التي سادت النفس الإنسانية وجعلت الإنسان يبني أسواراً عالية يحيط بها نفسه صارت سجناً انفرادياً له.
– صار الاهتمام بالنفس بل والرغبة في الاستحواذ على اهتمام الآخرين وتحويلهم إلى مجرد كائنات لخدمتنا هو شغل الإنسان الشاغل، فلم يعد هنالك من يهتم بالآخر ومن يعطي نفسه للآخر. وبذلك صار الانفصال الرهيب بين الإنسان وأخيه الإنسان حاجزاً مزدوجاً. لقد أصبح للغيرة والحسد والحقد وجود بين أقرب الناس لبعضهم البعض. وهذا ما نراه بوضوح في الأسوار والحواجز التي بين الزوج والزوجة والصديق وصديقه، فلم نعد نستطيع الخروج خارج أنانيتنا لرؤية الأخر
.- إن الأقنعة التي يلبسها البشر صورة حية تشهد عن تلك الحواجز الخفية الداخلية، ولهذا يحس الإنسان بهذا الشعور الرهيب بالوحدة حتى وهو وسط الأصدقاء والأحباء لأنه صار في عزلة عن الله والآخرين.والحب وخروجنا خارج أنفسنا وعطاء أنفسنا للأخر، هو أعظم دواء للشعور بالوحدة.
و إلى اللقاء في الحلقة القادمة
أسئلة للمناقشة
ناقش هذه العبارة السعادة تيجي من جوه مش من بره ؟
ما هي نتائج الخطية علي الأنسان نفسياً ؟
ماهي مظاهر المعاناة النفسية عند الأنسان ؟
لماذا يشعر الانسان بالوحدة على الرغم من وجوده في مجتمع مزدحم بالاصدقاء؟
إذا كنت تعاني من الاحساس بالضياع أو الوحدة صف مشاعرك؟
كيف يمكنك أن تتخلص من الشعور بالوحدة؟