في هذه الحلقة نتناول معاً ماهية القانون الأدبي الذي يحكم الخليقة و صفات القانون الأدبي
استعرضنا في الحلقة الماضية بعض من الاسئلة التي تدور في أذهاننا عن سلطان الله ومسئوليته عما يحدث لنا وأيضاً مسئولية الإنسان تجاه هذه الأمور، وبدأنا في الإجابة عن كل هذه الأسئلة وغيرها عن طريق تناول مجموعة من الحقائق، وبدأناها بالحقيقتين الآتيتين:
أولاً: الله كلي القدرة وكلي السلطان
ثانياً: الله الخالق وضع قوانين لحكم الخليقة
ولقد رتب الله القوانين المادية والبيولوجية والأدبية ترتيباً من حيث الأهمية والسلطان، فوضع القوانين الأدبية والأخلاقية فوق القوانين المادية والبيولوجية، والقوانين البيولوجية فوق القوانين المادية، فلقد أعطى الله سلطان أعلى للقوانين الأدبية على القوانين البيولوجية والمادية وكذلك أعطى سلطان أعلى للقوانين البيولوجية على القوانين المادية، بمعنى آخر يتدخل الله في القوانين البيولوجية والمادية من أجل القوانين الأدبية ومن أجل القوانين البيولوجية يتدخل في القوانين المادية. في هذه الحلقة نتناول معاً ماهية القانون الأدبي الذي يحكم الخليقة.
ثالثاً: القانون الأدبي
وهب الله الإنسان الحرية الأدبية ”الأخلاقية“ في الاختيار، وجعله مسئولاً عن نتيجة اختياراته، ولكن مسئوليته ليست طبيعية فالإنسان مسير في الأمور المادية التي ليست أخلاقية مثل (الشكل، اللون، الجنس، مكان الميلاد، العائلة التي نشأ فيها، القدرات الذهنية) والتي ليس لها تأثير على مصيره الأبدي أو علاقته مع الله أو حتى علاقته مع شريك الحياة، فنحن من نحدد من هو هذا الشريك أو علاقتي مع أولادي لأننا نختار طريقة تربيتنا لأطفالنا، بينما من الممكن أن تؤثر هذه الأمور على علاقتي بوالديّ لأني لا أملك حرية اختيارهما أو تغييرهما، أي أن الإنسان له الحق في الاختيار في كل الأمور الأدبية الأخلاقية التي تحدد مصيره الأدبي، وهذا مانراه واضحاً في الآيات التالية:
– وَأَوْصَى الرَّبُّ الإِلَهُ آدَمَ قَائِلاً: «مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ أَكْلاً وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتاً تَمُوتُ». (تك2: 16, 17)
في هذه الآية، نرى بوضوح القانون الأدبي ويتضح جلياً مجال عمل هذا القانون فدائرة حكمه هو الخير والشر، أيضاً نرى نتيجة كسر هذا القانون وهي الموت.
– “أُشْهِدُ عَليْكُمُ اليَوْمَ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ قَدْ جَعَلتُ قُدَّامَكَ الحَيَاةَ وَالمَوْتَ. البَرَكَةَ وَاللعْنَةَ فَاخْتَرِ الحَيَاةَ لِتَحْيَا أَنْتَ وَنَسْلُكَ” (تث30: 19)
في هذه الآية، نرى كيف أن الله قد أعطى كل الحرية للإنسان لكي يختار مصيره الأدبي؛ الحياة والموت، البركة واللعنة فهو يضع أمامنا البركة واللعنة، والحياة والموت ويحثنا وينصحنا أن نختار الحياة لكي نحيا ولكن إذا اخترنا الموت فسوف نموت، فهنا يعيد الله علينا نفس ما قد نادى به في جنة عدن (تك2: 16, 17).
– “هَلُمَّ نَتَحَاجَجْ يَقُولُ الرَّبُّ. إِنْ كَانَتْ خَطَايَاكُمْ كَالْقِرْمِزِ تَبْيَضُّ كَالثَّلْجِ. إِنْ كَانَتْ حَمْرَاءَ كَالدُّودِيِّ تَصِيرُ كَالصُّوفِ. إِنْ شِئْتُمْ وَسَمِعْتُمْ تَأْكُلُونَ خَيْرَ الأَرْضِ. وَإِنْ أَبَيْتُمْ وَتَمَرَّدْتُمْ تُؤْكَلُونَ بِالسَّيْفِ». لأَنَّ فَمَ الرَّبِّ تَكَلَّمَ”. (أش1: 18- 20)
يدعونا الله هنا أن نسأل ونناقش لكي نقتنع فمن غير الممكن أن نقبل الحقائق الإيمانية هكذا دون بحث وفهم واقتناع، فلا توجد حقيقة روحية حقيقية غير مقنعة لأفهامنا، فكل ماهو غير مقنع للعقل هو غير منطقي لأنه ليس بحقيقي.
الله نفسه يدعونا أن نتحاجج ونناقش ونفهم ونقتنع حتى يكون إيماننا راسخ مؤسس على الصخر، كما يعطي لنا أيضاً الحرية في الاختيار مابين الطاعة والتمرد.
“فَصَارَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ: أَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَصْنَعَ بِكُمْ كَهَذَا الْفَخَّارِيِّ يَا بَيْتَ إِسْرَائِيلَ يَقُولُ الرَّبُّ؟ هُوَذَا كَالطِّينِ بِيَدِ الْفَخَّارِيِّ أَنْتُمْ هَكَذَا بِيَدِي يَا بَيْتَ إِسْرَائِيلَ. تَارَةً أَتَكَلَّمُ عَلَى أُمَّةٍ وَعَلَى مَمْلَكَةٍ بِالْقَلْعِ وَالْهَدْمِ وَالإِهْلاَكِ فَتَرْجِعُ تِلْكَ الأُمَّةُ الَّتِي تَكَلَّمْتُ عَلَيْهَا عَنْ شَرِّهَا فَأَنْدَمُ عَنِ الشَّرِّ الَّذِي قَصَدْتُ أَنْ أَصْنَعَهُ بِهَا. وَتَارَةً أَتَكَلَّمُ عَلَى أُمَّةٍ وَعَلَى مَمْلَكَةٍ بِالْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ فَتَفْعَلُ الشَّرَّ فِي عَيْنَيَّ فَلاَ تَسْمَعُ لِصَوْتِي فَأَنْدَمُ عَنِ الْخَيْرِ الَّذِي قُلْتُ إِنِّي أُحْسِنُ إِلَيْهَا بِهِ”. (إر18: 5- 10)
بقراءة هذه الآيات نفهم من أول وهلة أن هناك الكثير من القدرية والقضاء والقدر بينما في اواخر المقطع الكتابي نبتدأ في فهم مايريد أن يقوله الله, فالطين في يد الفخاري ليس له أي حرية اختيار ونحن في يد الله هكذا إذا فسدنا يعود يصنعنا وعاء أخر، ولكن من الملاحظة الدقيقة نجد أن الله يقول ” أَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَصْنَعَ بِكُمْ كَهَذَا الْفَخَّارِيِّ…” فالله يوضح لنا أنه يستطيع أن يفعل كل شيء فهو الكلي القدرة والسلطان كما درسنا سابقاً، ولكنه لا يتصرف هكذا بل هو في بعض الاحيان يتكلم بالهدم والفناء بالنبوة والرؤى على أمة أو مملكة ثم تقرر هذه الأمة أن تعود إلى صوابها بتوبة ورجوع فيغير الله ماقد تكلم به على هذه الأمة أو المملكة، فتأديبه لهذه الأمة هو بسبب عصيانها ولذلك عندما ترجع إلى رشدها يمحو الله كل تأديب كان مستحقاً عليها, والعكس صحيح ففي بعض الاوقات يتكلم الله على أمة بالبركة والغنى والوفرة ولكن بسبب عدم طاعتها وتمردها يرجع الله في كل الخير الذي كان عتيداً أن ترثه وذلك بسبب رجوعها من وراء الله، فما سوف يفعله الله بنا يتوقف على موقفنا منه وعلى رغبتنا في القرب أو البعد عنه أي يتوقف على طاعتنا أو تمردنا وليس هو حكم مسبق مقدر ومكتوب مقضي به من قبل الله لا يتغير. يستطيع الله أن يخلقنا طين يصنع بنا مايريد وقتما يريد، لكنه لا ولن يفعل ذلك ويعاملنا هكذا فلقد خلقنا على صورته. فالله ذو الشخصية الأدبية الغير المحدودة الذي له حرية القرار قد خلقنا على صورته ومثاله، لذا لنا نفس سمات الشخصية الأدبية بصورة محدودة التي تفكر وتناقش لتفهم وتقتنع ولها كل الحرية في اتخاذ قراراتها وهذا نراه في الشاهد التالي:
– «يَا أُورُشَلِيمُ يَا أُورُشَلِيمُ يَا قَاتِلَةَ الأَنْبِيَاءِ وَرَاجِمَةَ الْمُرْسَلِينَ إِلَيْهَا كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ أَوْلاَدَكِ كَمَا تَجْمَعُ الدَّجَاجَةُ فِرَاخَهَا تَحْتَ جَنَاحَيْهَا وَلَمْ تُرِيدُوا. هُوَذَا بَيْتُكُمْ يُتْرَكُ لَكُمْ خَرَاباً! (مت23: 37)
فالرب يسوع ينادي على أورشليم ويدينها لقتل أنبياءه ورجم مرسليه. لقد حاول أن يجمع مشتتيها ويضمهم معاً لكنهم لم يريدوا، وهنا لم يستطيع الله أن يفعل شيئاً رغم أنه كلي القدرة والسلطان فاحترم حدود اختياراتهم وقراراتهم، وتهدمت المدينة ولم يبقى فيها حجر على حجر في سنة 70 ميلادية. لم يتدخل الله ليجبر أورشليم مدينة الهيكل أن تستمع اليه وتقبل محبته ورأفته وإرادته رغم أنه يستطيع ذلك، لكن ليست هذه طريقته فهو لايسلب حريتنا التي سبق وأعطاها لنا.
– “إِلَى خَاصَّتِهِ جَاءَ، وَخَاصَّتُهُ لَمْ تَقْبَلْهُ. وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَاناً أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللَّهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ”(يو1: 11, 12)
من الآية السابقة تتضح حرية الاختيار التي يعطيها الله للإنسان، فهو قد جاء بنفسه إلى خاصته ولكن هؤلاء رفضوه فلم يرغمهم الله على قبوله وطاعته بل احترم حرية اختيارهم، وعلى النقيض من ذلك فكل الذين قبلوه وأطاعوه وسلموه حياتهم احترم أيضاً حرية اختيارهم وأعطاهم نعمة أن يصيروا أبناء الله، فدور الله أن يتكلم ويعلن الخلاص والفداء لكل الناس بطريقة واضحة معلنة ولكن على الانسان أن يقوم بدوره أيضاً في التجاوب مع هذا الصوت الإلهي، فقيام الله بدوره لايُغفل أو يلغي قيام الإنسان أيضاً بدوره، وهذا مايؤكده الشاهد التالي:
– “هَئَنَذَا وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَقْرَعُ. إِنْ سَمِعَ أَحَدٌ صَوْتِي وَفَتَحَ الْبَابَ، أَدْخُلُ إِلَيْهِ وَأَتَعَشَّى مَعَهُ وَهُوَ مَعِي”.(رؤ3: 20)
يقف الرب يسوع ويقرع وينادي على كل إنسان ثم يترك له حرية الاختيار أن يقبل أو يرفض فهو لايجبر أحد على قبوله رغم استطاعته ذلك وبالتالي فهو لا يجبر أحد أيضاً على رفضه.
– “لاَ تَضِلُّوا! اللهُ لاَ يُشْمَخُ عَلَيْهِ. فَإِنَّ الَّذِي يَزْرَعُهُ الإِنْسَانُ إِيَّاهُ يَحْصُدُ أَيْضاً. لأَنَّ مَنْ يَزْرَعُ لِجَسَدِهِ فَمِنَ الْجَسَدِ يَحْصُدُ فَسَاداً، وَمَنْ يَزْرَعُ لِلرُّوحِ فَمِنَ الرُّوحِ يَحْصُدُ حَيَاةً أَبَدِيَّةً”.(غلا6: 7, 8)
وهنا نرى إعلان الله عن هذا القانون الأدبي، منبهاً أن السلوك بغير احترام هذا القانون هو الضلال ومحذراً الإنسان أن كل سير عكس قانون الله الأدبي يعتبر كبرياء وشموخ موجه ضد الله نفسه، وهذا القانون هو:”الَّذِي يَزْرَعُهُ الإِنْسَانُ إِيَّاهُ يَحْصُدُ أَيْضاً” بمعنى أخر نستطيع أن نسمي هذا القانون أنه قانون الإرادة الحرة الادبية في نطاق الخير والشر ومسئولية الإنسان عنهما.
محتوى وفحوى القانون الأدبي
محتوى هذا القانون الذي وضعه الله يتلخص في وصية واحدة فقط لم يزد الله عليها لأن منها ينبع الكل، فهي تعتبر جامعة شاملة لكل وصايا الله لنا، وهذه الوصية أَنْ تُحِبُّ – إنها صرخة الله في آذان البشرية منذ القديم وسمعناها في سفر التثنية:
– “إِسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ: الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ. فَتُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ قُوَّتِكَ”. (تث6: 5, 6)
وعندما سُئل الرب يسوع نفسه عن أولى الوصايا: «أَيَّةُ وَصِيَّةٍ هِيَ أَوَّلُ الْكُلِّ؟»
أجاب وقال: «إِنَّ أَوَّلَ كُلِّ الْوَصَايَا هِيَ: اسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ. الرَّبُّ إِلَهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ. وَتُحِبُّ الرَّبَّ إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ. هَذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى وَثَانِيَةٌ مِثْلُهَا هِيَ: تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. لَيْسَ وَصِيَّةٌ أُخْرَى أَعْظَمَ مِنْ هَاتَيْنِ».(مر12: 28- 31)
يملأ هذا الإعلان الواضح عن هذا القانون جنبات الكتاب المقدس بعهديه، فهذا القانون هو الذي يحكم علاقتنا مع الله وأيضاً يحكم علاقتنا مع الآخرين. إنه قانون واحد؛ قانون المحبة التي هي عطاء النفس لله والخضوع له من كل القلب والنفس والفكر والقدرة تتميماً لمسرة مشيئته، والتضحية والبذل لمصلحة الأخر المخلوق على صورة الله، لذلك فإختيار الحياة هو أن تختار أن تحب الرب الهك وتحب قريبك, وإختيار الموت هو العكس أن تبغض الله فلا تطيعه وتكره قريبك فتريد له الشر وهذا هو الاختيار الأناني في الحياة فعوضاً عن إعطاء وبذل نفسي لله وللأخر اختار أن انفصل عن الله والأخر.
واضع هذا القانون هو الله نفسه، لذلك يكون من الطبيعي جداً أن يكون القانون هو المحبة لأن طبيعة الله هي المحبة فهو يقدرها ويرى قيمتها وفي نفس الوقت هو يسلك بمقتضى هذا القانون.
صفات القانون الأدبي
القانون الأدبي هو قانون مطلق يُنفذ نفسه بنفسه، فطبيعته هي غير طبيعة القوانين الوضعية التي يضعها البشر، فالقانون الوضعي يحتاج إلى قوة تنفيذية لضبط المخالف وتقديمه للمحاكمة وصدور حكم قضائي بالعقوبة المستحقة طبقاً للقانون، فإذا لم توجد هذه القوة التنفيذية التي تستطيع أن تضبط المخالف وتنفذ العقاب يصبح القانون عاطلاً عن العمل وغير ذي نفع.
وحتى نستطيع أن نتفهم الفرق بين القوانين المطلقة والقوانين غير مطلقة، نتناول مثالاً عن قانون الجاذبية الذي وضعه الله لحكم الطبيعة, فعند ترك القلم من يدك، يسقط على الأرض بفعل هذا القانون فلا يحتاج هذا القانون إلى القوة التنفيذية التي تستطيع أن تضبط المخالف لتخضعه للعقاب فهو قانون مطلق ينفذ نفسه بنفسه،
أيضاً إذا رجعنا الى جنة عدن فسنرى كلام الله الواضح عن قانونه الأدبي المطلق: “وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتاً تَمُوتُ”.(تك2: 17)
فالله لن يميت الانسان بفعل محدد إذا قرر الإنسان أن لا يخضع له بل إن عقوبة الخطية متضمنة في داخل القانون نفسه ففي ذات اللحظة التي أكلا فيها من الشجرة انفتحت أعينهما على الخير والشر وأنفصلا عن الله وهربا منه، فلم يرسل الله ملاكاً لكي يعريهما لينفذ قانونه، بل على العكس لقد صاغ الله قصة سقوط أدم وحواء بطريقة توحي للقارئ أن الله لم يكن يعلم بسقوطهما وأنه سار في الجنة ليسأل عنهما وهو لايدري ماذا حدث، لكن الله بمقتضى علمه الغير المحدود كان يعلم بكل مايحدث وليس بمقتضى أنه منفذ العقاب، لذلك يظهر من قصة سقوط الإنسان في سفر التكوين أن الله لا يعلم ماذا يحدث، لكن الله يريد أن يُفهمنا أنه غير مسئول عن سقوطهما وأنفصالهما عنه فهو لم ينفذ فيهما القانون بل أن القانون يحتوي على آلية تنفيذ العقاب دون الرجوع إلى واضع القانون، وهذا ما يعبر عنه الكتاب بأن الشَّرُّ يُمِيتُ الشِّرِّيرَ (مز34: 21)
عندما نقرر أن نفصل حياتنا عن مصدر الحياة والنور فماذا ننتظر سوى الموت والظلمة
فالموت هو النتيجة الطبيعية لكسر القانون والانفصال عن الله وليس هو عقاب الله على اختياراتنا بالإنفصال عنه :
– “أَيَأْخُذُ إِنْسَانٌ نَاراً فِي حِضْنِهِ وَلاَ تَحْتَرِقُ ثِيَابُهُ؟ أَوَ يَمْشِي إِنْسَانٌ عَلَى الْجَمْرِ وَلاَ تَكْتَوِي رِجْلاَهُ؟” (أم6: 27, 28)
وإلى اللقاء في الحلقة القادمة حيث نستكمل معاً دراسة القانون الأدبي الذي وضعه الله لحكم خليقته الأدبية
أسئلة للمناقشة
ماهو محتوى القانون الادبي “الاخلاقي” الذي وضعه الله لحكم الخليقة؟
ما هي الأمور التي فيها الأنسان مسير وما هي الأمور التي فيها الأنسان مُخير؟
لماذا وضع الله قانوناً أخلاقيا لحكم الخليقة؟
ماهي صفات هذا القانون؟
ما معنى أن القانون الادبي قانون مطلق؟
أكتب موضحاً رأيك في هذا المبدأ “الله يعاقب البشر الذين لا يصنعون مشيئته”؟
ماهو تأثير رأيك في السؤال السابق على حياتك مع الله؟