حلقة 33 – العلاقة مع الحق .. منهاج التلمذة – مقدمة عن فلسفة منهاج التلمذة
في الحلقات السابقة، تم تناول “مبادئ التلمذة” باعتبارها منهجًا للتلمذة، وجرى توضيح أن المنهاج يحتوي على:
• الدراسة الموضوعية: تشمل دراسة الموضوعات المختلفة في الكتاب المقدس.
• الدراسة السفرية: تعنى بدراسة أسفار الكتاب المقدس بتفصيل شامل.
في هذه الحلقة، يركز على الجزء الثاني وهو فلسفة المنهاج، التي تُعد المحور الرئيسي لتماسك وتكامل المنهاج بأكمله.
فلسفة منهاج مدرسة المسيح
كل منهاج فعال يجب أن يستند إلى فلسفة واضحة تُرتب الحقائق بطريقة مترابطة ومتسلسلة لتحقيق الهدف المرجو. بدون هذه الفلسفة، تصبح الحقائق مجرد معلومات مبعثرة لا تؤدي إلى الغاية المطلوبة.
عناصر فلسفة المنهاج
1. كتابي – منطقي – عملي:
o كتابي: يجب أن تكون الحقائق مستخرجة من الكتاب المقدس باعتباره المصدر الإلهي للحق المطلق. الحق الكتابي لا يُذكر مرة واحدة فقط، بل يُعاد ذكره في مواضع متعددة ليؤكد على مصداقيته.
o منطقي: يجب أن تكون الحقائق قابلة للفهم والإقناع وفقًا للتفكير البشري المنطقي، كما قال بولس الرسول: “نُقْنِعُ النَّاسَ بِالْبُرْهَانِ وَالأَدِلَّةِ”. التفكير المنطقي يربط بين السبب والنتيجة بشكل يجعل الحقائق مترابطة ومقنعة.
o عملي: يجب أن يكون لكل حقيقة تطبيق عملي يفيد الحياة اليومية. أي تعليم كتابي بلا تطبيق عملي يُعتبر غير صحيح لأن الله لا يقول شيئًا بلا هدف أو قيمة.
باختصار: الحق يجب أن يكون كتابيًا، منطقيًا، وعمليًا لتحقيق التأثير المرجو في حياة التلميذ.
2. واضح – متسلسل – شامل:
o واضح: يجب أن تكون الحقائق واضحة تُجيب على كل الأسئلة، بحيث لا يختلف عليها أحد. الوضوح يُعزز الفهم ويزيل الغموض.
o متسلسل: يجب أن تكون الحقائق مبنية بشكل متسلسل لتُظهر المعاني بطريقة تدريجية ومنطقية.
o شامل: يجب أن تُغطي الحقائق كل جوانب الحياة وتُعالجها لضمان الاتساق.
3. مركزية الله:
o الله هو المركز في كل الحقائق المرتبطة بالمنهاج. المعرفة الحقيقية تبدأ وتنتهي بمعرفة الله.
o الابتعاد عن النظريات اللاهوتية التي تجعل الإنسان محور المعرفة؛ الإنسان مخلوق مشوه بالخطيئة، ومعرفته بالله قد تكون مشوهة أيضًا. لذلك، في منهاج مدرسة المسيح، الله هو المرجع والمركز، كما قال بولس الرسول: “لأَعْرِفَهُ، وَقُوَّةَ قِيَامَتِهِ…” (فيلبي 3: 10).
o الله كشخص هو العمود الفقري الذي تدور حوله كل الحقائق. المعرفة الحقيقية تبدأ بمعرفة الله. إذا بُنيت الحقائق على مفهوم خاطئ عن الله، فإن كل البناء سيكون مغلوطًا.
o معرفة الله:
1. الصفات الطبيعية:
o صفات الله الطبيعية تتعلق بكينونته وإمكانياته اللامحدودة. الله كائن غير محدود، وهذه الصفة تجعل مفهوم الثالوث مقنعًا وحقيقة علمية.
2. الصفات الأخلاقية:
o الصفات الأخلاقية لله، مثل العدل والمحبة، هي الأخطر والأهم في فهم طبيعته. هذه الصفات ستتم دراستها بالتفصيل في الحلقات القادمة.
4. القوانين الإلهية لحكم الخليقة:
o دراسة القوانين التي وضعها الله لحكم الكون تساعد التلميذ على فهم تعاملات عمل الله في الخليقة.
5. مصالحة المدارس الروحية:
o يسعى منهاج مدرسة المسيح إلى التصالح بين المدارس الروحية المتضاربة لتحقيق الوحدة.
6. الخط القرمزي:
o المنهاج مترابط بخط قرمزي يربط بين كافة أجزائه ليظهر وحدة الحق.
7. تكامل الأبعاد:
o يعتمد المنهاج على تكامل الأبعاد الروحية والفكرية والعملية دون تناقض.
خاتمة
منهاج مدرسة المسيح يتميز بفلسفة متكاملة تجمع بين الكتابية، المنطقية، والتطبيق العملي. الله هو المركز، والمعرفة به هي الأساس لكل الحقائق. هذه الفلسفة تهدف إلى بناء تلميذ حقيقي قادر على العيش وفق الحق، ونقله للآخرين بسلاسة واتساق.