حلقة 32 – العلاقة مع الحق .. منهاج التلمذة – محتوي المنهاج
الحلقات السابقة، تحدثنا عن دور الابن بكل معانيه، والآن نناقش دور التلميذ. استعرضنا سريعًا مفهوم التلميذ، ومعنى التعلم، والدور التعليمي الذي أوكله الله للتلميذ الحقيقي، وهو أن يعلم الآخرين كيف يصبحون تلاميذ أيضًا.
عندما نتحدث عن التعليم، نجد أن أي مدرسة تحتاج إلى منهج ومنهاج. في الحلقة السابقة، تحدثنا عن المنهج، وهو مجموعة المبادئ التي يعتمد عليها التعليم في مدرسة المسيح وملكوت السماوات كما لاحظنا الفرق بين أسلوب التعليم في العالم والتعليم الذي قدمه المسيح.
المسيح لم يعلم تلاميذه عن طريق المحاضرات فقط، بل عاش معهم، شاهدوه وسمعوه في كل مواقف حياته. التلمذة ليست مجرد محاضرة، بل هي حياة يعيشها التلميذ مع معلمه. المسيح قال: “يَكْفِي التِّلْمِيذَ أَنْ يَكُونَ كَمُعَلِّمِهِ وَالْعَبْدَ كَسَيِّدِهِ. (مت 10: 25).
نحن كتلاميذ لا نتخرج من مدرسة المسيح، بل نبقى تلاميذ حتى آخر يوم في حياتنا، لأن هدفنا أن نكون مشابهين للمسيح.
أبعاد المنهاج في مدرسة المسيح
الآن ننتقل للحديث عن المنهاج، وهو الجزء الثاني من عملية التعلم، والذي يقوم على ثلاث ركائز:
1. المحتوى: وهو المادة التي نتعلمها.
2. فلسفة المنهاج: وهي الفكرة التي يقوم عليها المنهاج وأهدافه.
3. وسائل التعليم: الطرق التي من خلالها يتم نقل المعرفة.
يجب على الخادم الذي يُعَلِّم منهاجًا معينًا أن يكون على دراية شاملة بفلسفة هذا المنهاج ومبادئه. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي أن يمتلك الوسيلة التي تمكن الآخرين من تعلم المنهاج وعيشه بفعالية.
1. المحتوى: دراسة الكتاب المقدس
هناك طريقتان رئيسيتان لدراسة الكتاب المقدس:
– الدراسة السفريّة: وهي دراسة أسفار الكتاب المقدس واحدًا تلو الآخر، مثل دراسة أسفار العهد القديم والعهد الجديد.
• نظرة عامة على الكتاب المقدس
• مبادئ تفسير الكتاب المقدس
• دراسة مقدمات الأسفار
الدراسة السفرية تهدف إلى إعطاء فهم عام ومتكامل لأسفار الكتاب المقدس، مما يساعد التلميذ على الربط بين المواضيع المختلفة داخل الكتاب.
– الدراسة الموضوعية: وهي دراسة موضوعات الكتاب المقدس بشكل شامل، مثل معرفة الله، الخلاص، الإيمان، إلخ. مثل:
• التلمذة
• شخصية الله
• الإنسان
• المسيح
• الروح القدس
• الحياة المسيحية، وتتضمن:
o الاختبار المسيحي
o مبادئ العلاقة مع الله
o الشركة مع الله
o الكنيسة (جسد المسيح)
o المأمورية العظمى
o الصراع الروحي
o شفاء النفس
العلاقات الإنسانية:
• مبادئ العلاقات الإنسانية
• اختيار شريك الحياة
• العلاقات الزوجية
• تربية الأطفال
• علاقة المؤمن بالعمل
هذا هو المنهاج وموضوعاته الرئيسية التي تمثل أساس التعليم.
2. فلسفة المنهاج
المنهاج ليس مجرد معلومات، بل هو منهاج له فلسفة واضحة. في مدرسة المسيح، نؤمن أن التعليم ليس فقط لنقل المعرفة، بل لتغيير الحياة وتحقيق قصد الله في حياة التلميذ. قال بولس الرسول:
وَمَا سَمِعْتَهُ مِنِّي بِشُهُودٍ كَثِيرِينَ أَوْدِعْهُ أُنَاسًا أُمَنَاءَ يَكُونُونَ أَكْفَاءً أَنْ يُعَلِّمُوا آخَرِينَ أَيْضًا (2 تي 2: 2)
3. وسائل التعليم
التعليم الفعّال لا يعتمد فقط على المحاضرات، بل على طرق متعددة مثل:
• المجموعات الصغيرة: كما فعل المسيح عندما كوّن مجموعة من التلاميذ.
• المعايشة والتطبيق العملي: حيث يتعلم التلميذ من خلال المشاركة الفعلية.
ثالثاً: – الفلسفة:
تمثل الفلسفة الإطار الفكري والتوجيهي الذي يُبنى عليه المنهاج. هي الرؤية التي تساعد التلميذ على فهم الغرض من التعلم وكيفية تطبيقه.
ثالثاً: – الوسيلة:
تمثل الوسيلة الأدوات والأساليب التي يستخدمها الخادم لتوصيل المحتوى والفلسفة للتلاميذ، مثل:
• العلاقة الشخصية مع الله
• العبادة الجماعية
• المجموعة الصغيرة
أهمية الجمع بين المحتوى والفلسفة والوسيلة
عندما يتوفر المنهاج بمحتوى شامل وفلسفة واضحة وأدوات تعليم فعالة، يصبح التلميذ قادرًا على استيعاب المبادئ المسيحية وعيشها عمليًا. يُعد ذلك الأساس لبناء جيل من التلاميذ القادرين على تطبيق الحق وتلمذة الآخرين.