تحدثنا سابقاً أننا أبناء مدعوين إلى شركة وعلاقة مع الآب ومع ابنه والروح القدس وفي نفس الوقت دُعينا أن نرى رؤى القدير خصوصاً كخادم
كما تكلمنا عن الرؤية وأبعادها الثلاثة ومحتواها والفارق بينها وبين الدعوة أي المهمة التي يكلفنا بها الله وفرقنا بينها وبين الدور أو الوظيفة أو الخدمة التي يأتمنَّا الله عليها والآن نستكمل الحديث عن الرؤية.
أولاً: “بِلاَ رُؤْيَا يَجْمَحُ الشَّعْبُ، أَمَّا حَافِظُ الشَّرِيعَةِ فَطُوبَاهُ.” (أمثال١٨:٢٩)
وضوح الرؤية ووضوح الدعوة يساعدنا بشكل واضح ألا نحيد يمينا أو يساراً
“أَنَا مَجَّدْتُكَ عَلَى الأَرْضِ. الْعَمَلَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي لأَعْمَلَ قَدْ أَكْمَلْتُهُ.” (يو٤:١٧)
جاء المسيح وهو يعلم ما يريده الآب ودوره فأتم العمل في ثلاث سنوات وقلب الدنيا رأساً على عقب لم يضيع وقت لم يحيد يساراً أو يميناً، فلم يسمع للذين أرادوا ان يتوجوه ولا للذين أرادوا أن يمنعوه عن هدفه،
بولس التلميذ النجيب كذلك أنهى حياته بنفس هذه العبارات “فَإِنِّي أَنَا الآنَ أُسْكَبُ سَكِيبًا، وَوَقْتُ انْحِلاَلِي قَدْ حَضَرَ. قَدْ جَاهَدْتُ الْجِهَادَ الْحَسَنَ، أَكْمَلْتُ السَّعْيَ، حَفِظْتُ الإِيمَانَ ” (٢تي٤: ٦-٧)،
يقول بولس أنه قد أكمل السعي كمن كان في سباق وأنهاه لأنه يعرف ماذا يريد الله وما هي دعوة الله له لذلك أكمله لأن الرؤية واضحة أمامه وكان بولس يضع أهداف لنفسه كي يحقق الدعوة والحلم الإلهي فركض نحو تحقيق هذا الحلم وبالفعل أكمله هناك أناس كثيرون لا يعرفون أن هناك رؤية ودعوة إلى أن يفارقوا الحياة فمهم جدا أن نعرف الرؤية والدعوة.
ثانياً: الرؤية قوة دافعة لأنها دعوة إلهية
الرؤية تحفزنا وتدفعنا إلى الأمام نحو تحقيق الدعوة، فالسعي نحو هذا الحلم الكبير هو قوة هائلة بداخلنا فعندما يقول لنا الله على أمر ما يكون هذا الأمر بحجم الإلهي كبير لأنه هو يعلم من هو فاعله فهي قوة دافعة إلى احتمال المشقات والعطاء والتضحية لأنها دعوة الإلهية
“فَأَجَابَنِي الرَّبُّ وَقَالَ: «اكْتُبِ الرُّؤْيَا وَانْقُشْهَا عَلَى الأَلْوَاحِ لِكَيْ يَرْكُضَ قَارِئُهَا، لأَنَّ الرُّؤْيَا بَعْدُ إِلَى الْمِيعَادِ، وَفِي النِّهَايَةِ تَتَكَلَّمُ وَلاَ تَكْذِبُ. إِنْ تَوَانَتْ فَانْتَظِرْهَا لأَنَّهَا سَتَأْتِي إِتْيَانًا وَلاَ تَتَأَخَّرُ.” (حب٢: ٢-٣)،
الله يتكلم، الله وعد، الله صانع أمر عظيم حماس مُنقطع النظير، هناك جزء من غياب حماس المؤمنين والخدام للعطاء والخدمة وللعمل في الكرم،
ثالثاً: الرؤية تعطينا الثقة واليقين
تعطينا الرؤية الثقة ويقين أننا نقدر ولا نفشل على فعل ما يدعوني إليه الله فهذا يجعلنا نحتمل المشقات ونصبر، فالرؤية تعطينا أيضا صبر الانتظار
عندما نوعد أنفسنا بأمر ما أو عندما نحلم حلم لا نضمن لأنفسنا تحقيق الوعد أو تحقيق الحلم لكن عندما يعطينا الله حلم نتأكد أنه سيحدث لأن الله قادر على فعل كل شيء، فالذي سمع من الله ينتظر إلى أن يتحقق الأمر، فعندما يتكلم الله في أمر يخصه تتولد لدينا قدرة الانتظار
“انْتَظِرِ الرَّبَّ. لِيَتَشَدَّدْ وَلْيَتَشَجَّعْ قَلْبُكَ، وَانْتَظِرِ الرَّبَّ.” (مز١٤:٢٧)
رابعاً: الرؤية توحدنا تجعل المؤمنين لهم حلم إلهي واحد
الذين عندهم نفس الرؤية متحدين مهما كانت اختلافاتهم، فأكثر شيء يوحدنا ليس فقط حبنا لله ولكن هو أننا سمعنا من الرب نفس الشيء، الرؤية توحدنا تجعل لنا حلم إلهي واحد وليست أحلام شخصية أو أماني شخصية وهذا ما يعبر عن حبنا لله أن نعيش من أجله.
خامساً: الرؤية تأتي بنا على رُكَبِنَا
عندما نضع لأنفسنا أهداف نستعد لتحقيق هذه الأهداف لكن الرؤية من الذي يحققها؟ الله
فصلاتي أهم من أي شيء أخر، حينما قال الله لموسى أنا سأخرج شعبي من مصر فيذهب إلى فرعون ويبلغه فيأبى فرعون فيقول الله لموسى أن يصلي من أجل المعجزات التي ستحدث، يصلي من أجل العصا، يصلي من أجل الجراد، يصلي من ان يصر النهر دم، وتحدث الأمور التي صلى من أجلها فيخرجه فرعون من أرض مصر، فموسى لم يعمل بيده، ولكن الله هو الذي يعمل من خلاله،
فالرؤية تأتي بي على رُكَبي لأنها كبيرة، ولا يقدر أحد على فعلها سوى الله، فالدور الأول والرئيسي أن يصلي من أجل أن يفعل مشيئته كما في السماء…. المشروع الإلهي يفعله الله ويدعوني أن أكون شريك معه ودوري الأساسي في هذه الشراكة قبل الدعوة هو أن أصلي.
الرؤية لها زمان، مكان، شكل، مضمون، الرؤية تكون واضحة المعالم كقصة موسى فقد حدد الله لموسى وقت ومكان خروج الشعب وإلى أين سيذهبون وماذا يحدث لهم فهي ليست أوهام وخيالات أو أمنيات لكن لها معالم واضحة فنستطيع أن ننتظرها ونرى الرب وهو يخطط لها ويرسم خطوطها إلى أن يقول قد أكمل.