في هذا الجزء نتحدث عن الرؤية في حياة الخادم وقلنا إن الرؤية بوصلة تصنعني ولا أصنعها الرؤية استقبلها وأحبل بها، وقلنا في قصة موسى أننا نرى ثلاث أشياء واضحة
أولاً: من هو الله
ثانياً: الله رأى وسمع وعلم مذلة وأوجاع شعبه
ثالثاً: الله ينزل لينقذ شعبه
وبعدما أخبر الله موسى بما في قلبه قدم له دعوه، ودعوه الله لموسى تغيرت بتغيير الواقع الذي حدث، لذلك ممكن أن تتغير الدعوة في حياتنا لكن تبقى الرؤية واحده
لكي نفهم أكثر المقصود بالرؤية يجب أن نفرق بينها وبين بعض الكلمات
1- الفرق بين الرؤية والرؤى
“يرى شبابكم رؤى ويحلم شيوخكم أحلاماً” الرؤي هنا معناها أن نرى أشياء ونحن مستيقظين والحلم أن نرى شيء من الله ونحن نيام، فهذه وسيلة وليست هي الرؤية التي نتحدث عنها، فمن الممكن أن تكون الرؤي هي رسالة تشجيع وممكن أن تكون شيء يريد الله أن نفعله، ولكن الرؤية التي نتكلم عنها هو أن الله يشاركنا قلبه ومشاعره، وشخصه، وخطته، ومشيئته.
2- الفرق بين الرؤية والدعوة
والكلمة الثانية التي يختلط أمرها مع الناس في مفهوم الرؤية هي الدعوة، يختلط في أذهان الكثير بين مفهوم الرؤية والدعوة فبعضهم يقول الله أعطاني رؤية أن أفعل كذا وكذا، ولكن في هذه الحالة يكون الأمر دعوه وليس رؤية، فهذا دور ومهمة نقوم بها.
3- الفرق بين الرؤية والهدف
هو أن الأهداف نضعها ونريد أن نحققها كمن هدفه أن يفتح مشروع أو أن يضع هدف ليكوِّن مجموعات فالهدف نحن من نضعه لكن نضع الأهداف في ضوء الدعوة.
الدعوة مرتبطة بالرؤية، فالرؤية تُولد الدعوة وتضع لها أهداف أولية لكي نقدر أن نحدد المسار الذي نسير فيه،
يجب نضع أهداف لكي نقيس مقدار التقدم الذي أحرزناه في رحلتنا نحو الدعوة وبالتالي نحو الرؤية،
يعطينا الله خدمة لكي نفعلها كخدمة التعليم فالذي يعلم يظل طوال الوقت يُعلم، فهذه ليست رؤية فالله يعطي لأشخاص موهبة التعليم فكل شخص يأخذ موهبة ونخدم بها بعضنا، فالخدمة نابعة من موهبة نفعلها طوال الوقت فالموهوب في التعليم يظل طوال الوقت يُعلم والذي عنده موهبة الوعظ سيظل يعظ وهكذا، فهذه ليست دعوه ولا رؤيه فهذه الكلمات اختلطت مع بعضها خصوصاً في المجال المسيحي والمجال الكنسي فنريد أن نفرق بين هذه الكلمات ليكون لدينا مصطلحات واحدة نتكلم بها مع بعضنا، فقصة موسى تساعدنا جداً في أن نفرق بين الدعوة والرؤية، فهذا الجدول يوضح لنا الفروق
أول فرق هو محتوى الرؤية، الرؤية تدور حول الله، لا تدور حول من أنا ولا تدور حول المستقبل، حينما تجد نفسك في الرؤية أعلم أنها ليست رؤية، فمحتوى الرؤية يدور حول الله فقط، أما الدعوة تدور حول دورنا مع الله فيما يريده الله أن يفعله وليس شيء أفعله لله،
الفارق الثاني هو الحجم الرؤية فحجمها حجم إلهي لكن الدور يتوقف على ما أقدر أن أفعله، فحينما يعمل الله شيء يعمل الذي يناسبه ويناسب حجمه هو، لكن الدعوة بها ما أستطيع أنا بنعمة الله وقوته أقدر أن أعمل
الذي يجعلنا أن ندرك هذه رؤية أم دعوة هي هل هي تدور حول دور الله أم دوري أنا، حجمها إلهي أم إنساني
الفارق الثالث وهو مداها فأصغر مدى يتكلم الله عنه هو مدينة شعب، تاريخ أمة، زمن، أقل من هذا لا يكون حجمها إلهي لكن الدعوة مشروع حينما يقول لك الله ابني هذا البيت أُنشئ هذه المدرسة، فالدعوة مشروع يعمله بقدرات إلهيه، فالمشروع له اول وأخر لابد أن ينتهي لأن الله عنده مشروعات عديدة وليس مشروع واحد، فالرؤية واحده لشعب ولأمه في زمان ومكان واحد فلو نحن مجتمعين في مكان وكل شخص قال رؤية مختلفة عن الآخر فهذا ليس يعني أي مؤمن سيصلي في مصر ويستقبل رؤية من الله لمصر ستكون هي نفس الرؤية لكل المصريين وإذا اختلفت لا تكون رؤية لأن الله عنده إرادة واحده لشعبه فالذي يقوله لشخص هو نفس الكلام لشخص آخر فالرؤية واحده لزمان ومكان واحد ولجيل ولأجيال كما نعرف ما وعده الله لإبراهيم وبعد ذلك استعبدوا في مصر ثم خرجوا منها وورثوا الأرض التي وعد الله بها إبراهيم فهذا الامر استغرق سنين واجيال، فالأدوار التي نلعبها كثيره والمشاريع التي في الطريق كثيره،
أخر فارق وهو مهم جداً وهو التأثير، فالرؤية توحدنا والدعوة تفرقنا لو نحن جميعاً نسير خلف رؤية واحده سيكون جميع المؤمنين في جيل واحد في شعب واحد عندهم نفس الكلام الإلهي مُنتظرين شيء واحد حاملين في احشائهم نفس الرؤية ويحيي من أجلها لأن الرؤية واحدة
فالرؤية تحركنا معا ليس بها أنا وأنت جميعنا واحد ليس بها أي منافسه فغياب الرؤية تفتتنا لأن كل شخص يسير وراء خدمته فالدعوة تفرقنا لأن كل شخص له دعوه غير الاخر والخدمة تفرقنا لان كل شخص عنده خدمه غير الأخر، فالخدمة هي الوظيفة التي يعملها كل شخص منا
فإذا نظر كل شخص إلى دوره وخدمته فقط لا يقتنع بأدوار الباقين لكن الرؤية هي بوصله واحده تسير بنا جميعاً في طريق واحد فنقدر احتياج كلاً منا للأخر
فلكي يتحقق الحلم الإلهي نحتاج جميع الناس بأدوارهم ودعوتهم ومشروعاتهم،
تعريف الرؤية
هي البصيرة والإدراك الروحي لمشيئة الله ومقاصده في الوقت الحاضر نحو المستقبل
الله يعرف ما الذي يريد أن يفعله وإلى أين يذهب بنا ليحقق هذه الرؤية وبدون هذا يتفرق الشعب،
الرؤية تخلق بصيرة فتصير مقاصد الله في قلوبنا وتعيش بداخلنا نحيا من أجلها وننتظرها وتخرجنا خارج محدوديتنا وخدمتنا وكينونتنا وامكانيتنا
“أُرَدِّدُ هذَا فِي قَلْبِي، مِنْ أَجْلِ ذلِكَ أَرْجُو: إِنَّهُ مِنْ إِحْسَانَاتِ الرَّبِّ أَنَّنَا لَمْ نَفْنَ، لأَنَّ مَرَاحِمَهُ لاَ تَزُولُ. هِيَ جَدِيدَةٌ فِي كُلِّ صَبَاحٍ. كَثِيرَةٌ أَمَانَتُكَ. نَصِيبِي هُوَ الرَّبُّ، قَالَتْ نَفْسِي، مِنْ أَجْلِ ذلِكَ أرجوه. طَيِّبٌ هُوَ الرَّبُّ لِلَّذِينَ يَتَرَجَّوْنَهُ، لِلنَّفْسِ الَّتِي تَطْلُبُهُ. جَيِّدٌ أَنْ يَنْتَظِرَ الإِنْسَانُ وَيَتَوَقَّعَ بِسُكُوتٍ خَلاَصَ الرَّبِّ. جَيِّدٌ لِلرَّجُلِ أَنْ يَحْمِلَ النِّيرَ فِي صِبَاهُ. يَجْلِسُ وَحْدَهُ وَيَسْكُتُ، لأَنَّهُ قَدْ وَضَعَهُ عَلَيْهِ. يَجْعَلُ فِي التُّرَابِ فَمَهُ لَعَلَّهُ يُوجَدُ رَجَاءٌ. يُعْطِي خَدَّهُ لِضَارِبِهِ. يَشْبَعُ عَارًا. لأَنَّ السَّيِّدَ لاَ يَرْفُضُ إِلَى الأَبَدِ. فَإِنَّهُ وَلَوْ أَحْزَنَ يَرْحَمُ حَسَبَ كَثْرَةِ مَرَاحِمِهِ. لأَنَّهُ لاَ يُذِلُّ مِنْ قَلْبِهِ، وَلاَ يُحْزِنُ بَنِي الإِنْسَانِ.” (مراثي أرميا ٣: ٢١-٣٣)
واحدة من الاشياء التي تفعلها الرؤية هي التشجيع حتى ولو كنت بمفردك، عكس ما يحدث في الخدمة فالخدام من وقت لأخر يجتمع ويحضرون مؤتمرات واجتماعات لكي يتشجعوا ويحفزوا عكس الرؤية التي تشجعنا طوال الوقت لأنها في أحشائنا، فهناك فارق عظيم بين خادم عنده رؤية وخادم يدور في ساقيه.