في هذا الجزء وصلنا لما نسميه بالشركة وفي الشركة تكلمنا عن ثلاث أبعاد، نعمة الأبن ومحبة الأب وشركة الروح القدس، وفي شركة الروح القدس تكلمنا عن الفرق بين السكنى والملء وعن عمل الروح القدس، وتكلمنا عن ثمر الروح ومواهب الروح القدس وكيفية التوازن بينهما،
والآن نستكمل الجزء الأخير وهو الانقياد بالروح، والانقياد بروح الله هو سماع صوت الله، لأنه لا يمكن أن ننقاد بروح الله دون أن نسمع صوته
أولا: الهدف
هو الانقياد بالروح وليس السمع، أي أن نعيش ونفعل إرادة الله، أن نعطي فرصة لله بأن يقودنا، وأن ننقاد لكي نعيش لما دعانا إليه الله، أن نكون وان نفعل مشيئة الله
“أَنْ أَفْعَلَ مَشِيئَتَكَ يَا إِلهِي سُرِرْتُ، وَشَرِيعَتُكَ فِي وَسَطِ أَحْشَائِي».” (مز٨:٤٠)
هذا هو قلب المرنم إن شريعة الله صارت في أحشائه فالذي يسعده هو أن يفعل مشيئة الله، وللأسف كثير من المؤمنين يفعلون ما يريدون هم وليس ما يريده الله،
لذلك تكلم بولس في رومية ويقول “فَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ بِرَأْفَةِ اللهِ أَنْ تُقَدِّمُوا أَجْسَادَكُمْ ذَبِيحَةً حَيَّةً مُقَدَّسَةً مَرْضِيَّةً عِنْدَ اللهِ، عِبَادَتَكُمُ الْعَقْلِيَّةَ. وَلاَ تُشَاكِلُوا هذَا الدَّهْرَ، بَلْ تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ، لِتَخْتَبِرُوا مَا هِيَ إِرَادَةُ اللهِ: الصَّالِحَةُ الْمَرْضِيَّةُ الْكَامِلَةُ.” (رو١٢: ٢,١)،
فيتكلم بولس عن التكريس، قدموا ذواتكم ذبيحة حية بأن نطلع على المذبح ونضع أنفسنا لله بالإضافة إلى حديثه عن تجديد الذهن، فعندما يتغير الذهن يحل فيه الفكر الإلهي ويكون لنا أفكار المسيح،
نحن بحاجة إلى سماع صوت الله لنختبره ونعيش إرادة الله، لأن إرادة الله مرضية وصالحة وكاملة للخير فتجعلنا نشعر بالسعادة والسرور وإرادة الله لا تأتي على حساب شيء آخر أو تفسد شيئا آخر فهي كاملة،
ثانيا: الله يتكلم
الكتاب يقول لنا أن الله يتكلم وليس صامتاً، عندنا آيات كثيره تخبرنا بأن الله تَكلَّم ويتَكَلَّم
“اَللهُ، بَعْدَ مَا كَلَّمَ الآبَاءَ بِالأَنْبِيَاءِ قَدِيمًا، بِأَنْوَاعٍ وَطُرُق كَثِيرَةٍ، كَلَّمَنَا فِي هذِهِ الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ فِي ابْنِهِ، الَّذِي جَعَلَهُ وَارِثًا لِكُلِّ شَيْءٍ، الَّذِي بِهِ أَيْضًا عَمِلَ الْعَالَمِينَ” (عب ١: ٢,١)
فالله يتكلم بأنواع وطرق كثيرة، فأوضح صوت لله تكلم به البشرية هو صوت يسوع المسيح، فكم الكلام الذي كلمنا الله به في المسيح هائل،
ماهي المواضيع التي يتكلم عنها الله؟
فالله يتكلم عنه من خلال ابنه ولا يزال يريد الله أن يكلمنا عنه، فالله يعطينا روح الحكمة والاعلان في معرفته، ويكلمنا عنَّا فهو فاحص القلوب ومختبر الكُلى فهو يكتشفنا ويعرف أفكارنا ويهدينا طرق أبدية، فنحن بحاجة إلى معرفة ما بداخلنا وحقيقة قلوبنا وتصحيح مفاهيمنا، ويتكلم أيضاً عن طرقه ومبادئه وأفكاره التي يريدنا أن نمشي بها وهذا ليس معناه أن يعرفني ما أفعله وما ليس أفعله لكنه يتكلم عن مبادئ وقيم وفكر أما نحن فلنا فكر المسيح وهذا هو الذي يغير أذهاننا، يقول الكتاب عرف موسى طرقه، بني إسرائيل رأوا أفعاله، فنحن نريد أن نسمع ونعرف، ويتكلم أيضاً عن مشيئته لكي نفعلها،
فيجب على الخادم أن يركز على أربع نقاط جميعها لكي نعرف صوته ومميزه
ثالثا: السمع وسيلة وليست غاية
السمع ليس هو الهدف، بل هو وسيلة التواصل والانقياد، لكن الهدف هو أن نختبر وأن نعرف.
السمع حق كتابي للأبناء بصورة خاصة وهذا ليس معناه أنه لا يتكلم مع غير الأبناء فهو يتكلم مع غير الأبناء أيضا، لكن الأولاد من حقهم أن يسمعوا،
“خِرَافِي تَسْمَعُ صَوْتِي، وَأَنَا أَعْرِفُهَا فَتَتْبَعُنِي.” (يو٢٧:١٠)
نجد في مثل الخراف والراعي لأن الخراف تميز صوت راعيها، فواحدة من الطريقة التي ننقاد بها هي أن نسمع فمن حقنا أن نسمع فهذه هي الوسيلة
“وَأُذُنَاكَ تَسْمَعَانِ كَلِمَةً خَلْفَكَ قَائِلَةً: «هذِهِ هِيَ الطَّرِيقُ. اسْلُكُوا فِيهَا». حِينَمَا تَمِيلُونَ إِلَى الْيَمِينِ وَحِينَمَا تَمِيلُونَ إِلَى الْيَسَارِ.” (أش٢١:٣٠)
يقول حينما يسير خرافي وشعبي في الطريق وحادوا عن الطريق الصحيح سيسمعون من خلفهم كلمة تقول لهم هذا هو الطريق، هناك شواهد كثيرة عن أناس سمعوا من الله بطرق مختلفة،
إيليا
“وَدَخَلَ هُنَاكَ الْمُغَارَةَ وَبَاتَ فِيهَا. وَكَانَ كَلاَمُ الرَّبِّ إِلَيْهِ يَقُولُ: «مَا لَكَ ههُنَا يَا إِيلِيَّا؟» فَقَالَ: «قَدْ غِرْتُ غَيْرَةً لِلرَّبِّ إِلهِ الْجُنُودِ، لأَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ تَرَكُوا عَهْدَكَ، وَنَقَضُوا مَذَابِحَكَ، وَقَتَلُوا أَنْبِيَاءَكَ بِالسَّيْفِ، فَبَقِيتُ أَنَا وَحْدِي، وَهُمْ يَطْلُبُونَ نَفْسِي لِيَأْخُذُوهَا». فَقَالَ: «اخْرُجْ وَقِفْ عَلَى الْجَبَلِ أَمَامَ الرَّبِّ». وَإِذَا بِالرَّبِّ عَابِرٌ وَرِيحٌ عَظِيمَةٌ وَشَدِيدَةٌ قَدْ شَقَّتِ الْجِبَالَ وَكَسَّرَتِ الصُّخُورَ أَمَامَ الرَّبِّ، وَلَمْ يَكُنِ الرَّبُّ فِي الرِّيحِ. وَبَعْدَ الرِّيحِ زَلْزَلَةٌ، ولَمْ يَكُنِ الرَّبُّ فِي الزَّلْزَلَةِ. وَبَعْدَ الزَّلْزَلَةِ نَارٌ، وَلَمْ يَكُنِ الرَّبُّ فِي النَّارِ. وَبَعْدَ النَّارِ صَوْتٌ مُنْخَفِضٌ خَفِيفٌ. فَلَمَّا سَمِعَ إِيلِيَّا لَفَّ وَجْهَهُ بِرِدَائِهِ وَخَرَجَ وَوَقَفَ فِي بَابِ الْمُغَارَةِ، وَإِذَا بِصَوْتٍ إِلَيْهِ يَقُولُ: «مَا لَكَ ههُنَا يَا إِيلِيَّا؟» (١مل١٩: ٩-١٣)،
سمع إيليا ولم يسمع في عاصفه، بل سمع في صوت منخفض خفيف فهذه من القصص التي ترينا كيف يتكلم الله ونسمعه.
داود
“فَسَأَلَ دَاوُدُ مِنَ الرَّبِّ، فَقَالَ: «لاَ تَصْعَدْ، بَلْ دُرْ مِنْ وَرَائِهِمْ، وَهَلُمَّ عَلَيْهِمْ مُقَابِلَ أَشْجَارِ الْبُكَا، وَعِنْدَمَا تَسْمَعُ صَوْتَ خَطَوَاتٍ فِي رُؤُوسِ أَشْجَارِ الْبُكَا، حِينَئِذٍ احْتَرِصْ، لأَنَّهُ إِذْ ذَاكَ يَخْرُجُ الرَّبُّ أَمَامَكَ لِضَرْبِ مَحَلَّةِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ» (٢صم ٥: ٢٤,٢٣)
صموئيل
” فَجَاءَ الرَّبُّ وَوَقَفَ وَدَعَا كَالْمَرَّاتِ الأُوَلِ: «صَمُوئِيلُ، صَمُوئِيلُ». فَقَالَ صَمُوئِيلُ: «تَكَلَّمْ لأَنَّ عَبْدَكَ سَامِعٌ». فَقَالَ الرَّبُّ لِصَمُوئِيلَ: «هُوَذَا أَنَا فَاعِلٌ أَمْرًا فِي إِسْرَائِيلَ كُلُّ مَنْ سَمِعَ بِهِ تَطِنُّ أُذُنَاهُ” (١صم٣: ١١,١٠)
سمع صموئيل صوت الله مره واثنين ويذهب إلى عالي ظناً منه أنه هو من ينادي إليه فيقول له عالي أن الله هو الذي يناديك وحينما تسمع ذلك الصوت مره أخرى فقل له تكلم لأن عبدك سامع، يوجد قصص كثيرة جدا تتحدث عن السمع ليس فقط السمع والطرق أيضا.