نتحدث في هذه الحلقات عن البعد الأول في علاقتنا بالله كأبناء، وكيف يؤثر علاقتنا بالله على انعكاس صورة الله الآب للذين نخدمهم، وكيف نعيش حياة البنوة، وتحدثنا أيضاً أن علاقتنا بالله الأب مرتبطة بعلاقتنا بنعمة المسيح التي قادتنا إلى البنوة
الدور الذي نقوم بدراسته في هذه الحلقات هو الدور النبوي، الدور النبوي هو نتيجة الشركة مع الروح القدس، فعندما نمتلئ من الروح القدس نقوم بدور نبوي وعندما نمتلئ بمحبة الآب نعكس محبة الله الأب للذين نخدمهم وعندما نمتلئ بقوة الله نعكس قوة الله المُخلصة التي تنجِّي البشر
تحدثنا بالتفصيل في الشركة عن نعمة الأبن وتحدثنا بالتفصيل عن البنوة وقيمتها وأهميتها ومعناها ودورها،
وقدمنا مراجعة سريعة عما أخذناه في مدرسة المسيح في دراسة الروح القدس بالإضافة إلى أننا توقفنا وقفات محددة عند بعض النقاط التي تحتاج إلى توضيح في حياة الخادم واتفقنا على أنه من شروط الخادم أن يكون ليس فقط تلميذ، بل يكون أيضا ممتلئ من الروح القدس، وتحدثنا أيضاً عن الأسباب التي تحزن أو تطفئ الروح وعن الكيفية التي نستطيع بها أن نضرم الروح مرة أخرى في حياتنا،
في هذه الحلقة نقف عند موضوع جديد في رحلتنا كخدام في علاقتنا بالروح القدس وهو التوازن بين ثمر الروح ومواهب الروح القدس
التوازن بين ثمر الروح ومواهب الروح القدس
يوضح هذا الرسم أن ثمر الروح القدس نتيجة طبيعية فعندما نزرع كرمة من العنب تثمر لي عنباً، فثمر الروح هو النتيجة الطبيعية في شهادة عن الله وشهادة بأننا مملوئين. أما المواهب فهي عطية وهبة قد تكون مؤقتة وقد تكون دائمة هدفها البنيان وتأييد الرسالة.
هناك فرق بين أن أكون ممتلئ وأن أكون ناضح فمن الممكن أن أكون ممتلئ وعمري في الإيمان يوم واحد فقط، كالسامريين الذين بشرهم فيلبس فنزل الرسل وصلوا من أجلهم فامتلئوا من الروح القدس ومثل كارينليوس لم يكن تعمد بالماء عندما امتلئ من الروح القدس
فهناك فرق بين الملء وبين النضوج وهو العمق والنمو في النعمة، الملء يُعطينا استمتاع وقيادة ويجعلنا نجري أسرع في النضوج والنمو في العلاقة مع الله، لكن ليس هو النمو أو النضوج
هدف المواهب الناتجة من الملء بنيان الكنيسة وبنيان الجسد، وتأييد الرسالة، فالمواهب تساعد الناس تؤمن أن الله بداخلكم، والثمر يساعد في تأييد الرسالة لأنه شهادة عن حضور الله،
فثمر الروح القدس التي رأسها المحبة غير موجودة في هذا العالم، هناك مشكلة عند كثير من الناس وهي أنهم يأخذون الثمر ويتركون المواهب، أو يأخذون المواهب ويتركون الثمر، أو يفضل أحداهما على الأخرى،
فيجب التوازن بين الإثنين لأن كلاهما مهمين وتَكْمُل إحداهما بالأخرى، لأن دور كل منهما مختلف عن الأخر، فنحن لا نسعى، ولكن نمتلئ بالروح فينتج ثمر، ولا نسعى للمواهب، ولكن نمتلئ بالروح فنُعطَى فهذه عطية التي يمنحنا إيها الروح القدس من أجل بناء الكنيسة وتأييد الرسالة،
دعونا نتحدث أكثر عن هذه المسألة، فمثلا عندما يتكلم الكتاب عن المواهب للبنيان،
“وَأَمَّا مَنْ يَتَنَبَّأُ، فَيُكَلِّمُ النَّاسَ بِبُنْيَانٍ وَوَعْظٍ وَتَسْلِيَةٍ.” (١كو ٣:١٤)
التسلية هنا ليست معناها تسلية عن الزهق والملل، ولكن معنى التسلية هنا فرح واستمتاع بحضور الله والتمتع فكما قلنا سابقا أن الملء يجعلنا نستمتع بالشركة والانقياد، فالموهبة دورها بنيان والهدف الثاني من المواهب هي تأييد الكرازة
“شَاهِدًا اللهُ مَعَهُمْ بِآيَاتٍ وَعَجَائِبَ وَقُوَّاتٍ مُتَنَوِّعَةٍ وَمَوَاهِبِ الرُّوحِ الْقُدُسِ، حَسَبَ إِرَادَتِهِ.” (عب 4: 2)
فالمواهب ليست تعطى فقط لبنيان الكنيسة وبنيان المؤمنين، ولكن تعطى أيضا لشهادة الله عنا ليقول الله للناس هؤلاء هم عبيدي وما يتكلمون به من عندي وهذه قوة إلهية، وفرق بين الآيات والعجائب كالتي فعلها موسى كالعصى وإخراج يده ….. إلخ، وبين مواهب الروح القدس مثل كلام العلم والحكمة وتمييز أرواح فبالرغم من أنه ليس بها عجائب عجيبة كإقامة الموتى وتهدئة العاصفة لكن بها شهادة قوية لأنها خارقة للطبيعة فيكون شهادة على عمل الله.
وَلَكِنَّهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ يُعْطَى إِظْهَارُ الرُّوحِ لِلْمَنْفَعَةِ. فَإِنَّهُ لِوَاحِدٍ يُعْطَى بِالرُّوحِ كَلاَمُ حِكْمَةٍ. وَلآخَرَ كَلاَمُ عِلْمٍ بِحَسَبِ الرُّوحِ الْوَاحِدِ. وَلآخَرَ إِيمَانٌ بِالرُّوحِ الْوَاحِدِ. وَلآخَرَ مَوَاهِبُ شِفَاءٍ بِالرُّوحِ الْوَاحِدِ. وَلآخَرَ عَمَلُ قُوَّاتٍ وَلآخَرَ نُبُوَّةٌ وَلآخَرَ تَمْيِيزُ الأَرْوَاحِ وَلآخَرَ أَنْوَاعُ أَلْسِنَةٍ وَلآخَرَ تَرْجَمَةُ أَلْسِنَةٍ. وَلَكِنَّ هَذِهِ كُلَّهَا يَعْمَلُهَا الرُّوحُ الْوَاحِدُ بِعَيْنِهِ قَاسِماً لِكُلِّ وَاحِدٍ بِمُفْرَدِهِ كَمَا يَشَاءُ. لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الْجَسَدَ هُوَ وَاحِدٌ وَلَهُ أَعْضَاءٌ كَثِيرَةٌ وَكُلُّ أَعْضَاءِ الْجَسَدِ الْوَاحِدِ إِذَا كَانَتْ كَثِيرَةً هِيَ جَسَدٌ وَاحِدٌ كَذَلِكَ الْمَسِيحُ أَيْضاً. (1كو 12: 7-12)
يقول بولس في كورنثوس ١٣ “وَإِنْ كَانَتْ لِي نُبُوَّةٌ، وَأَعْلَمُ جَمِيعَ الأَسْرَارِ وَكُلَّ عِلْمٍ، وَإِنْ كَانَ لِي كُلُّ الإِيمَانِ حَتَّى أَنْقُلَ الْجِبَالَ، وَلكِنْ لَيْسَ لِي مَحَبَّةٌ، فَلَسْتُ شَيْئًا. وَإِنْ أَطْعَمْتُ كُلَّ أَمْوَالِي، وَإِنْ سَلَّمْتُ جَسَدِي حَتَّى أَحْتَرِقَ، وَلكِنْ لَيْسَ لِي مَحَبَّةٌ، فَلاَ أَنْتَفِعُ شَيْئًا” (١كو١٣: ٣,٢)،
فالمحبة هي أول وأهم ثمر الروح، فالذي ليس عنده محبة لا ينتفع شيئا، فمن المهم أن نعلم أن المواهب بدون ثمر كارثة، فلابد من التوازن بينهما
“اِتْبَعُوا الْمَحَبَّةَ، وَلكِنْ جِدُّوا لِلْمَوَاهِبِ الرُّوحِيَّةِ، وَبِالأَوْلَى أَنْ تَتَنَبَّأُوا.”، (١كو١:١٤).
(NIV) Follow the way of love and eagerly desire gifts of the Spirit, especially prophecy.
وكما تحدثنا عن أن احتقار المواهب الروحية أو الممارسة الخاطئة يُطفئ الروح وكما درسنا في مدرسة المسيح بالتفصيل مواهب الروح القدس وضوابط استخدام كل موهبة، يمكنك مشاهدة هذه الحقلة على هذا الرابط https://shorturl.at/kwthf
سنتحدث في هذه الحلقة عن ثلاث موهب
1- النبوة
النبوة هي كلام من الله لشخص أو جماعة قد تحمل رسالة تشجيع أو توبيخ وقد تحمل أخبار بأمور آتية لكنها رسالة من الله فهدف النبوة أنها:
– تشجيع وتحفيز المؤمنين على القداسة والبر
– كلمة من الله تقود الإنسان إلى التوبة والرجوع عن الطرق الردية
– توجهنا للصلاة أو الخدمة للشخص والجماعة، فالله يوجهنا لما نصلي من أجله وما ينبغي علينا أن نفعله.
“وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ انْحَدَرَ أَنْبِيَاءُ مِنْ أُورُشَلِيمَ إِلَى أَنْطَاكِيَةَ. وَقَامَ وَاحِدٌ مِنْهُمُ اسْمُهُ أَغَابُوسُ، وَأَشَارَ بِالرُّوحِ أَنَّ جُوعًا عَظِيمًا كَانَ عَتِيدًا أَنْ يَصِيرَ عَلَى جَمِيعِ الْمَسْكُونَةِ، الَّذِي صَارَ أَيْضًا فِي أَيَّامِ كُلُودِيُوسَ قَيْصَرَ. فَحَتَمَ التَّلاَمِيذُ حَسْبَمَا تَيَسَّرَ لِكُلّ مِنْهُمْ أَنْ يُرْسِلَ كُلُّ وَاحِدٍ شَيْئًا، خِدْمَةً إِلَى الإِخْوَةِ السَّاكِنِينَ فِي الْيَهُودِيَّةِ. فَفَعَلُوا ذلِكَ مُرْسِلِينَ إِلَى الْمَشَايِخِ بِيَدِ بَرْنَابَا وَشَاوُلَ” (أع ١١: ٢٧-٣٠)
إذاً فالنبوة هدفها بنيان، توجيه، تحريك الكنيسة في الطريق والمشيئة الإلهية.
2- كلام العلم
أشهر حادثة في الكتاب بها كلام علم هي حادثة حنانيَّا وامرأته سفِّيرة حينما قال لهما بطرس أبهذا المقدار بعت ما الحقل فقالا نعم فقد كذب على الروح القدس، فعلم بطرس بكذبهما فماتا الأثنان، فمن أين علم بطرس بكذبهما؟ فقد كان يتكلم بكلام علم
كلام العلم يكشف خبايا القلب ويساعدنا جدا في الخدمة يساعد المؤمنين على معرفة الأشياء التي بداخلهم تسبب لهم آلام.
3- تمييز الأرواح
أيضا من المواهب التي تكلم عنها الكتاب ليس إخراج الشياطين فإخراج الشياطين سلطان للمؤمنين، لكن تمييز الأرواح يساعد الخادم على تمييز وجود روح شرير كما يساعد على تمييز هل خرج الروح أم لا فتمييز الأرواح يساعدنا ليس فقط في اخراج الشياطين، ولكنه يساعدنا في كشف أعمال إبليس وكيف يهاجمنا، فنحن بحاجة إلى هذه الموهبة لأنها تكشف اعمال إبليس وتساعد الناس للحرية من قيود العدو.