في الحلقة الماضية وصلنا للحديث عن شركة الروح القدس وذكرنا أنه لكي نكون أبناء عندما نقبل المسيح ويسكُن فينا روح الله، لكن لكي أصير خادماً ينبغي أن أكون ممتلئ من الروح القدس وفرقنا في دراستنا في مدرسة المسيح بين سكنى الروح والامتلاء من الروح القدس
كما درسنا أن هناك كلمتين ذكروا في الكتاب المقدس هما أحزن الروح وأطفأه – في الحقيقة لا يوجد فرق بين إحزان الروح وإطفاء الروح – فنفقد توهج روح الله في حياتنا فنفقد روح القوة والمحبة والنصح هذه القوى التي تعمل في داخلي من خلال الحياة الممتلئة من الروح القدس،
هذه الآية تخبرنا عن داود الذي حل عليه روح الله وعاش حياة ممتلئة وفعل أشياء عظيمة وأخطأ وانطفئ روح الله في داخله وأحزن روح الله القدوس فكتب هذا المزمور
“قَلْبًا نَقِيًّا اخْلُقْ فِيَّ يَا اَللهُ، وَرُوحًا مُسْتَقِيمًا جَدِّدْ فِي دَاخِلِي. لاَ تَطْرَحْنِي مِنْ قُدَّامِ وَجْهِكَ، وَرُوحَكَ الْقُدُّوسَ لاَ تَنْزِعْهُ مِنِّي. رُدَّ لِي بَهْجَةَ خَلاَصِكَ، وَبِرُوحٍ مُنْتَدِبَةٍ اعْضُدْنِي. فَأُعَلِّمَ الأَثَمَةَ طُرُقَكَ، والخطأة إِلَيْكَ يَرْجِعُونَ. نَجِّنِي مِنَ الدِّمَاءِ يَا اَللهُ، إِلهَ خَلاَصِي، فَيُسَبِّحَ لِسَانِي بِرَّكَ.” (مز ٥١: ١٠-١٣)،
فالتركيز هنا على شخص اطفئ روح الله فيه وأحزنه وهذا الرجل ممسوح من الله بشكل هائل والمزامير التي كتبها والحب الذي أحبه لله عجيب بالإضافة إلى أنه كتب أشعار في حبه لله مع أنه رجل حروب وملك مشغول عن هذه الرومانسية الروحية، لكنه أحب الله بمعنى حقيقي ومُسِحَ منه وهو من أسس هذه المملكة الأرضية التي تعبر عن المملكة الروحية فلما أحزن روح الله كتب هذا المزمور وروحاً مستقيماً جدد في داخلي وروحك القدوس لا تنزعه مني،
1- الخطية
“لِذلِكَ اطْرَحُوا عَنْكُمُ الْكَذِبَ، وَتَكَلَّمُوا بِالصِّدْقِ كُلُّ وَاحِدٍ مَعَ قَرِيبِهِ، لأَنَّنَا بَعْضَنَا أَعْضَاءُ الْبَعْضِ. اِغْضَبُوا وَلاَ تُخْطِئُوا. لاَ تَغْرُبِ الشَّمْسُ عَلَى غَيْظِكُمْ، وَلاَ تُعْطُوا إِبْلِيسَ مَكَانًا. لاَ يَسْرِقِ السَّارِقُ فِي مَا بَعْدُ، بَلْ بِالْحَرِيِّ يَتْعَبُ عَامِلًا الصَّالِحَ بِيَدَيْهِ، لِيَكُونَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ مَنْ لَهُ احْتِيَاجٌ. لاَ تَخْرُجْ كَلِمَةٌ رَدِيَّةٌ مِنْ أَفْوَاهِكُمْ، بَلْ كُلُّ مَا كَانَ صَالِحًا لِلْبُنْيَانِ، حَسَبَ الْحَاجَةِ، كَيْ يُعْطِيَ نِعْمَةً لِلسَّامِعِينَ. وَلاَ تُحْزِنُوا رُوحَ اللهِ الْقُدُّوسَ الَّذِي بِهِ خُتِمْتُمْ لِيَوْمِ الْفِدَاءِ. لِيُرْفَعْ مِنْ بَيْنِكُمْ كُلُّ مَرَارَةٍ وَسَخَطٍ وَغَضَبٍ وَصِيَاحٍ وَتَجْدِيفٍ مَعَ كُلِّ خُبْثٍ. وَكُونُوا لُطَفَاءَ بَعْضُكُمْ نَحْوَ بَعْضٍ، شَفُوقِينَ مُتَسَامِحِينَ كَمَا سَامَحَكُمُ اللهُ أَيْضًا فِي الْمَسِيحِ.” (أف ٤: ٢٥-٣٢)
بولس هنا يتكلم عن خطايا موجودة تحزن روح الله.
2- العصيان
الامتلاء هو أن ينسكب علينا الروح القدس ويُسيطر علينا ولست انا من يسيطر عليه، أنا من أُغرَق فيه وأوجد فيه لذلك هو يشملني فيقدر أن يقودني وإذا تمردت على هذه القيادة ينسحب إلى الوراء، لذلك العصيان يطفئ روح الله، وأشهر مثال على ذلك الملك شاول الذي مُسِحَ من الله وحل عليه روح الله ثم بعد ذلك طلب منه الله أن يُحَرِم عماليق، ولكن شاول لم يحرم عماليق جميعها كما أمره الرب، ولكنه عفا عن خيار الغنم
“فَقَالَ صَمُوئِيلُ: «هَلْ مَسَرَّةُ الرَّبِّ بِالْمُحْرَقَاتِ وَالذَّبَائِحِ كَمَا بِاسْتِمَاعِ صَوْتِ الرَّبِّ؟ هُوَذَا الاسْتِمَاعُ أَفْضَلُ مِنَ الذَّبِيحَةِ، وَالإِصْغَاءُ أَفْضَلُ مِنْ شَحْمِ الْكِبَاشِ. لأَنَّ التَّمَرُّدَ كَخَطِيَّةِ الْعِرَافَةِ، وَالْعِنَادُ كَالْوَثَنِ وَالتَّرَافِيمِ. لأَنَّكَ رَفَضْتَ كَلاَمَ الرَّبِّ رَفَضَكَ مِنَ الْمُلْكِ” (١صم١٥: ٢٢-٢٣)
فالله لا يريد ذبائح ومحرقات، ولكنه يريد طاعة، فالتمرد كخطية العرافة وعبادة الأوثان، لذلك رفضه الله من المُلك، فلكي أعيش حياة المُلك ينبغي أن أعيش حياة الطاعة،
فلنقرأ في الإصحاح التالي “وَذَهَبَ رُوحُ الرَّبِّ مِنْ عِنْدِ شَاوُلَ، وَبَغَتَهُ رُوحٌ رَدِيءٌ مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ.” (١صم١٤:١٦)، فيالها من نهاية مؤسفة.
3- احتقار المواهب
4- الاستخدام الخاطئ للمواهب
البعض يحتقرون المواهب الروحية ويزعمون بأن زمانها قد انتهى وهناك بعض الأشخاص يستخدمون المواهب من أجل الاستمتاع الشخصي فقط بهذه المواهب وليس من أجل أن ينقادوا بالروح
“لاَ تُطْفِئُوا الرُّوحَ. لاَ تَحْتَقِرُوا النُّبُوَّاتِ. امْتَحِنُوا كُلَّ شَيْءٍ. تَمَسَّكُوا بِالْحَسَنِ. امْتَنِعُوا عَنْ كُلِّ شِبْهِ شَرّ” (١تس٥: ١٩-٢٢)
درسنا في مدرسة المسيح بالتفصيل مواهب الروح القدس وضوابط استخدام كل موهبة، يمكنك مشاهدة هذه الحقلة على هذا الرابط https://shorturl.at/kwthf
فاحتقار المواهب الروحية يُطفئ الروح أما عندما يسود روح الله فمن حقه أن يُخرج المواهب التي يريدها هو
نفس الشيء الاستخدام الخاطئ للمواهب يجعلني ألعب بهذه المواهب كمن عنده موهبة التكلم بألسنة ويتكلم بها في وسط الشارع وبصوت عالي بدلاً من أن يُمجد الله، لذلك نحن كخدام دورنا غير مقتصر على المليء، ولكن أن نعيش في حياة الملء وهذا الملء يتجدد فكل خطأ نفعله بقصد أو دون قصد يُحدِث انطفاء كُلِي أو جزئي فلا بد أن أعود مره ثانية لأُضرِم موهبة الله ويعمل النور في داخلي فأعيش ممتلئ،
يضيف الكتاب شيئا أخر ليس فقط أن نعيش ممتلئين لكن هناك ملء متجدد ومسحة خاصة لعمل خاص
“حِينَئِذٍ امْتَلأَ بُطْرُسُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ وَقَالَ لَهُمْ: «يَا رُؤَسَاءَ الشَّعْبِ وَشُيُوخَ إِسْرَائِيلَ،” (أع ٨:٤)
وهذا ما قاله المسيح لهم من قبل لا تجهزوا دفاعكم عن أنفسكم لأن الروح القدس سيعطيكم بما تتكلمون.
وبعد ذلك قال الكتاب حينما هددوا التلاميذ بألا يتحدثوا ثانية عن المسيح
“وَلَمَّا صَلَّوْا تَزَعْزَعَ الْمَكَانُ الَّذِي كَانُوا مُجْتَمِعِينَ فِيهِ، وَامْتَلأَ الْجَمِيعُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَكَانُوا يَتَكَلَّمُونَ بِكَلاَمِ اللهِ بِمُجَاهَرَةٍ.” (أع ٣١:٤)
فبالرغم إن التلاميذ امتلئوا يوم الخمسين بالروح القدس إلا أن هذا الملء تجدد وأعطاهم بما يتكلمون به لظروف خاصة في احتياجات خاصة
يقول الكتاب عن أستفانوس “وَأَمَّا هُوَ فَشَخَصَ إِلَى السَّمَاءِ وَهُوَ مُمْتَلِئٌ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، فَرَأَى مَجْدَ اللهِ، وَيَسُوعَ قَائِمًا عَنْ يَمِينِ اللهِ.” (أع 7: 55)
يتحدث الكتاب هنا عن أستفانوس لما اجتمع عليه الناس ورجموه، نظر إلى السماء فامتلاء من الروح وهذا ملء خاص جعله يرى مجد الله
“وَأَمَّا شَاوُلُ، الَّذِي هُوَ بُولُسُ أَيْضًا، فَامْتَلأَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ وَشَخَصَ إِلَيْهِ” (أع ٩:١٣)،
وبالرغم من أن بولس ممتلئ من الروح القدس، ولكنه امتلاء مره اخرى وهذا ما يسمى بالملء الخاص لاحتياج خاص