تحدثنا في الحلقات السابقة عن البعد الأول من أبعاد حياة الخادم، وصور العلاقة والشركة كأبناء الله، وفي هذا البُعد عندنا شركة مع الله ورؤية، وما زلنا مُستمرين في الحديث عن هذا البُعد، وتكلمنا عن نعمة ربنا يسوع المسيح، ومعنى النعمة، وقيمة النعمة، وكيف نعيش بها، ودرسنا أن واحدة من عطايا هذه النعمة هي محبة الآب بأن نصير أبناء لله، وفي حديثنا عن محبة الآب درسنا أن الأبوة والبنوة وجهين لعملة واحدة، ودرسنا أيضاً كيف جاء المسيح ليصحح الصورة المشوهة للأب، وتكلمنا عن علاقة المحبة والأبوة، وتحدثنا أيضاً عن أن الأبوة الأرضية عكس الأبوة السماوية تماماً. فالمحبة ليست مجرد مشاعر وعواطف وقبلات وحنان …. إلخ، لكن المحبة الأبوية عملياً هي الرعاية والتربية
أولاً: – الرعاية
وهي أن نكون مسؤولين عن أبنائنا، بالرغم أنهم مخطئون أو مذنبون.
“الرَّبُّ رَاعِيَّ فَلاَ يُعْوِزُنِي شَيْءٌ. فِي مَرَاعٍ خُضْرٍ يُرْبِضُنِي. إِلَى مِيَاهِ الرَّاحَةِ يُورِدُنِي “(مز٢٣: ١-٢)،
” كَرَاعٍ يَرْعَى قَطِيعَهُ. بِذِرَاعِهِ يَجْمَعُ الْحُمْلاَنَ، وَفِي حِضْنِهِ يَحْمِلُهَا، وَيَقُودُ الْمُرْضِعَاتِ».”(إش١١:٤٠)
الله راعيّ، يهتم بي يسدد احتياجي يرد نفسي إليَّ
ثانياً: -التربية
الآب مسؤول عن تربية الأبناء لينشئ أبناء صالحين، لأنه يحبنا ويريد أن يُعلمنا طرقه وبالتالي فهو يؤدبنا عند الاحتياج يسترد الصورة التي خلقنا عليها، وبكل أسف عند تربيتنا لأبنائنا نُخرج مشاكلنا وأحلامنا الشخصية ورغباتنا ونضعها عليهم.
لكن في محبة الآب يريد الله أن يجعلني أفضل ما يمكن لخيري، وليس لمصلحته الشخصية، فأنت تُعلِّم ابنك قوانين الحياة، تعلمه أن يفهم، يُقَدِّر، يذاكر، يستوعب، يحترم. وإذا أخطأ وأصر على خطئه تأدبه ليس من أجل الخطأ ولكن من أجل تمرده وإصراره على الخطأ ولكن لا تعاقبه،
الله قال الذي يحبه الرب يؤدبه وليس يعاقبه، التأديب غير العقاب، وذكرنا ذلك في مدرسة المسيح سابقاً الفرق بين التأديب والعقاب في دراسة تربية الأطفال
إذا أردت إذا كنت ترغب عزيزي القارئ في دراسة موضوع الفرق بين التأديب والعقاب يمكن الدخول على الرابط التالي https://shorturl.at/Cg2do
“لأَنَّ الَّذِي يُحِبُّهُ الرَّبُّ يُؤَدِّبُهُ، وَيَجْلِدُ كُلَّ ابْنٍ يَقْبَلُهُ».”(عب٦:١٢)
“وَلَكِنْ إِذْ قَدْ حُكِمَ عَلَيْنَا نُؤَدَّبُ مِنَ الرَّبِّ لِكَيْ لاَ نُدَانَ مَعَ الْعَالَمِ” (1كور11: 32)
“لأَنَّ أُولئِكَ أَدَّبُونَا أَيَّامًا قَلِيلَةً حَسَبَ اسْتِحْسَانِهِمْ، وَأَمَّا هذَا فَلأَجْلِ الْمَنْفَعَةِ، لِكَيْ نَشْتَرِكَ فِي قَدَاسَتِهِ، وَلكِنَّ كُلَّ تَأْدِيبٍ فِي الْحَاضِرِ لاَ يُرَى أَنَّهُ لِلْفَرَحِ، بَلْ لِلْحَزَنِ. وَأَمَّا أَخِيرًا فَيُعْطِي الَّذِينَ يَتَدَرَّبُونَ بِهِ ثَمَرَ بِرٍّ لِلسَّلاَمِ” (عب١٢: ١٠-١١)
هنا يتحدث عن آبائنا الذين لم يؤدبونا سوى أيام قليلة حسب فهمهم، لكن الآب يؤدبنا بدون أن يؤذينا، لا يؤدبنا من أجل أخطائنا، ولكن يؤدبنا على إصرارنا على الخطأ والعناد ليستردنا للصورة الأصلية التي خُلقنا عليها، وهذا هو الفرق بين التأديب والعقاب
فالمحبة الأبوية مليئة بالدفء والأحضان، والقبلات حب غير محدود وغير مشروط، حب يُضحي، حُب يهتم بنا وهذا هو الحُب الحقيقي الذي يُخرج أبناء صالحين غير منحرفين.
وإليك عزيزي القارئ بعض الأسئلة التي طرحها الحضور
س1: التجربة ليست من الله، فكيف أفرق بين التأديب والتجربة؟
جـ: التجربة هدفها الخطية، إبليس يُجربنا من أجل السقوط في الخطية، خطية وراء خطية إلى أن أترك الله، ولكن التأديب هدفه أن يجعلني في أفضل صورة، فالتأديب يقوم الاعوجاج
لكن التجربة هي شر أو مرض أو مصيبة فهناك أذية في التجربة، ولكن التأديب لا يؤذي، ولكن فقط يوجعني دون أذية، فلا يوجد أي شيء مشترك بين التجربة والتأديب
س2: هل جميعا أبناء لله أم الذين قبلوه فقط هما أبنائه؟
جـ: والله ينظر إلى كل الخلقة كأبناء له، ولكن الذي لم يقبله ويتركه كالابن الضال الذي أخذ خير أبوه، وعاش به بعيداً عنه غير مستمتع بالأبوة لذلك قال كان ابني هذا ميتا فعاش، فالله يرى البشرية كأبناء، ولكن هؤلاء الأبناء الذين رفضوه لم يقدر أن يتعامل معهم كونه أب، ولكن حينما يرجعون يستعيدوا البنوة عن طريق الولادة الثانية من فوق
س3: ما مفهوم التبني في الكتاب المقدس؟
جـ: التبني في الكتاب المقدس لا يعني أننا أولاد لله غير شرعيين، ولكن يعني أننا أعطينا بنوية، وهذا ما شرحه يوحنا عندما قال ” وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ. اَلَّذِينَ وُلِدُوا لَيْسَ مِنْ دَمٍ، وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ جَسَدٍ، وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ رَجُل، بَلْ مِنَ اللهِ.”(يو١٦: ١٣,١٢)
فنحن في الأصل أبناء، ولكن يعيد الله لنا هذه البنوة عن طريق الولادة الروحية، فالتبني هو استعادة البنوة.