تحدثنا عن نعمة ربنا يسوع المسيح ومقارنتها بالناموس، وصححنا الفكر في أنه كيف نقيم في النعمة، كما قال الكتاب. وفي هذه الحلقة سوف نتحدث عن الجزء الثاني من الشركة وهو محبة الأب حيث إن نعمة الابن هي التي قادتنا إلى محبة الآب فقد صرنا بالنعمة أبناء
يقول يوحنا “نَحْنُ نُحِبُّهُ لأَنَّهُ هُوَ أَحَبَّنَا أَوَّلًا.” (١يو١٩:٤) فمحبتنا هي صدى لهذا الحب، فنحن نحبه لأنه هو من أحبنا أولاً
الأبوة والبنوة، وجهي عملة واحدة لا توجد أبوة بدون بنوة ولا بنوة بدون أبوة، لذلك الله آب منذ الأزل وهذا يعني أن الابن منذ الأزل فأزلية الابن من أزلية الآب، وهذا ما درسنا في الثالوث في دراسة شخصية الله ويمكنك عزيزي القارئ الرجوع لهذه الدراسة على الرابط التالي https://shorturl.at/nrx68
التصميم الإلهي للبشرية أن يكون هناك عائلة
خلق الله آدم لذلك فهو ابن لله، ثم صار بعد ذلك أب، ثم صار أبناؤه آباء وهكذا، فبالتالي نصبح نحن أيضاً ابناء وأباء، وكذلك حواء أيضا هي ابنه لله، ثم صارت أم، ولكن الاختلاف في هذه النقطة بيننا وبين الله، الله ليس ذكراً أو أنثى، ولكنه يمثل دور الأب والأم، فالله وحده هو من يقدر أن يقوم بالدورين معاً على خلاف البشر،
الذي يربط الآباء والأبناء مع بعضهما هي المحبة، وأن يكون الوالدين في حبهم لبعض وشركتهم الإثنين واحد مثل الوحدة التي في الثالوث الآب والابن والروح القدس
الآباء يعكسوا صورة الله لأولادهم وبكل أسف، هذه الصورة تشوهت لأن الانسان لا يعيش في علاقة بنوة مع الله، فبدلاً من أن يعكس الإنسان صورة أبوه الله أصبح يعكس صورة أبوه مشوهه مما يؤدي إلى تشوه صورة الله لدى الأبناء.
فالآباء يحبون حُب مشروط، وحُب له حدود، وهذا عكس محبة الآب، محبة الآب هو حب غير مشروط وغير محدود، فيقول كلاً من الآباء لأبنائهم إذا فعلت هذا، أو سمعت كلامي سأحبك، فحينئذ يكون حبهم حب مشروط، وهو عكس محبة الآب تماماً، فتشوهت تماماً محبة الآب، فعندما نكون أبناء بالإيمان بالمسيح تظل هذه الصورة بداخلنا مشوهة لأن هذا ما رأيناه من آبائنا،
يوجد في العهد القديم الكثير من أسماء الله «إيلوهيم، يهوه، إيل شداي، السيد الرب، رب الجنود…» لكن لا يوجد صورته كأب إلا في عدد قليل من الآيات، أما العهد الجديد فإعلان أبوة الله واضح بشدة في الابن يسوع المسيح فتجسُد الابن يسوع المسيح أعلن لنا بوضح كامل أبوة الله لنا وبنوتنا له الله يبحث عن أبناء وليس عبيد
في العهد الجديد نجد تصحيح لصورة الله أنه أب، فالله منذ البدء أب خلق الإنسان على صورته وشبهه، لنكون له أبناء، هذا هو إعلان العهد الجديد، وهذا مختلف تماماً عن كل ديانة بشرية أخرى الابن تجسد ليستعيدنا من كوننا عبيداً للخطية والنجاسة، لنرجع فنكون على صورته، أبناء إلى الله، ويكون هو أبونا.
“وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ.” (يو١٢:١)
فكل الذين قبلوه صاروا أولاد الله أي ولدوا من الله ولادة روحية، فصرنا أبناء شرعيين فهو أب حقيقي للمولودين من الله الذين قبلوا المسيح،
عندما يتكلم الرب يسوع عن الله يقول أبي أو الآب
“فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «مَتَى رَفَعْتُمُ ابْنَ الإِنْسَانِ، فَحِينَئِذٍ تَفْهَمُونَ أَنِّي أَنَا هُوَ، وَلَسْتُ أَفْعَلُ شَيْئًا مِنْ نَفْسِي، بَلْ أَتَكَلَّمُ بِهذَا كَمَا عَلَّمَنِي أَبِي. وَالَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ مَعِي، وَلَمْ يَتْرُكْنِي الآبُ وَحْدِي، لأَنِّي فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ» (يو٨: ٢٩,٢٨(
في الإصحاحات الأخيرة من إنجيل يوحنا “الأصحاح١٣إلى الإصحاح ١٧” خصوصاً الإصحاحات ١٦,١٥,١٤ عدد المرات التي يقول فيها المسيح أبي والآب ٢٣مرة وفي الإصحاح ١٤يقول المسيح فيها أبي ١٠مرت وفي الإصحاح ١٥يقول المسيح فيها أبي ١٦مره
إنجيل لوقا الاصحاح 11 فقال لهم: «متى صليتم فقولوا: أبانا الذي في السماوات، ……” في الترجمة الأصلية هي أبانا السماوي
الجملة الافتتاحية في أغلب رسائل بولس «نِعْمَةٌ لَكُمْ وَسَلاَمٌ مِنَ اللهِ أَبِينَا وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ» هذا هو اللقب الرئيسي والصفة الرئيسية لألوهية الله الآب،
وسوف نأخذ شواهد على أبوة الله من الكتاب المقدس في العهد الجديد،
“لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَنْقَادُونَ بِرُوحِ اللهِ، فَأُولئِكَ هُمْ أَبْنَاءُ اللهِ. إِذْ لَمْ تَأْخُذُوا رُوحَ الْعُبُودِيَّةِ أَيْضًا لِلْخَوْفِ، بَلْ أَخَذْتُمْ رُوحَ التَّبَنِّي الَّذِي بِهِ نَصْرُخُ: «يَا أَبَا الآبُ». اَلرُّوحُ نَفْسُهُ أَيْضًا يَشْهَدُ لأَرْوَاحِنَا أَنَّنَا أَوْلاَدُ اللهِ. فَإِنْ كُنَّا أَوْلاَدًا فَإِنَّنَا وَرَثَةٌ أَيْضًا، وَرَثَةُ اللهِ وَوَارِثُونَ مَعَ الْمَسِيحِ. إِنْ كُنَّا نَتَأَلَّمُ مَعَهُ لِكَيْ نَتَمَجَّدَ أَيْضًا مَعَهُ”(رو٨: ١٤-١٧)،
“لأَنَّ الَّذِينَ سَبَقَ فَعَرَفَهُمْ سَبَقَ فَعَيَّنَهُمْ لِيَكُونُوا مُشَابِهِينَ صُورَةَ ابْنِهِ، لِيَكُونَ هُوَ بِكْرًا بَيْنَ إِخْوَةٍ كَثِيرِينَ.”(رو٢٩:٨)،
“لأَنَّكُمْ جَمِيعًا أَبْنَاءُ اللهِ بِالإِيمَانِ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ.” (غلا٢٦:٣)
“ثُمَّ بِمَا أَنَّكُمْ أَبْنَاءٌ، أَرْسَلَ اللهُ رُوحَ ابْنِهِ إِلَى قُلُوبِكُمْ صَارِخًا: «يَا أَبَا الآبُ». إِذًا لَسْتَ بَعْدُ عَبْدًا، بَلِ ابْنًا، وَإِنْ كُنْتَ ابْنًا فَوَارِثٌ للهِ بِالْمَسِيح”(غلا٤: ٧,٦)،
العهد الجديد يركز على هذه الحقيقة أننا ورثة لله مع ابنه يسوع المسيح ولابد أن ندرك هذه الحقيقة أن الله أبانا ونحن أبناءه ونستمتع بها ونعيشها وتشبع بهذه الأبوة ولا نسمح للتشوه البشري أن يشوه صورة أبوة الله لنا
ربط الكتاب المقدس بين الأبوة والمحبة فقال “نعمة ربنا يسوع المسيح ومحبة الله الآب….”، فالأبوة والمحبة ملتصقتان ببعض
“كَمَا أَحَبَّنِي الآبُ كَذلِكَ أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا. اُثْبُتُوا فِي مَحَبَّتِي. إِنْ حَفِظْتُمْ وَصَايَايَ تَثْبُتُونَ فِي مَحَبَّتِي، كَمَا أَنِّي أَنَا قَدْ حَفِظْتُ وَصَايَا أَبِي وَأَثْبُتُ فِي مَحَبَّتِهِ.”(يو١٥: ١٠,٩)
“لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.”(يو١٦:٣)
فالأبوة والمحبة لا ينفصلان عن بعضهما، فالأبوة الإلهية صورة غير كل الأبوة البشرية.