الكلمات المفتاحية لحياة الخادم
ذكرنا في الحلقات السابقة أن هناك أربع علاقات في حياة الخادم وهم العلاقة مع الله والعلاقة مع الحق والعلاقة مع الأخرين والعلاقة مع النفس، وأربعة ألقاب هم أبن وتلميذ وخادم وكاهن، وأن للخادم أربعة أدوار وهم الدور النبوي في العلاقة مع الله والدور التعليمي في العلاقة مع الحق والدور الرعوي في العلاقة مع الأخرين والدور الكهنوتي في قدس الأقداس، وأنه يوجد أربع كلمات مفتاحية لكل علاقة وهي الحميمية في العلاقة مع الله والتعلم في العلاقة مع الحق والتجسد في العلاقة مع الأخرين والإتحاد في قدس الأقداس بناء على هذه الأبعاد يستطيع الخادم أن يحقق القصد الإلهي وسوف نذكر شاهد لكل كلمة مفتاحية في الأربع علاقات من الكتاب المقدس.
أولا: – الكلمة المفتاحية في العلاقة مع الله هي الحميمية:”
» إِذْ تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ وَتَسْمَعُ لِصَوْتِهِ وتَلتَصِقُ بِهِ لأَنَّهُ هُوَ حَيَاتُكَ». تث 30: 20
الحب هنا ليس حُب عن بُعد، ولكنه حُب التصاق، حُب اقتراب، أن تلتصق به دائما لأنه هو حياتك.
ثانياً: – الكلمة المفتاحية في العلاقة مع الحق هي التَعلم
فَقَالَ لَهُمْ: «مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كُلُّ كَاتِبٍ مُتَعَلِّمٍ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ يُشْبِهُ رَجُلاً رَبَّ بَيْتٍ يُخْرِجُ مِنْ كَنْزِهِ جُدُداً وَعُتَقَاءَ». (متى 13: 52)
كلمة كاتب مُتعلم تعني تلميذ يريد أن يتعلم في ملكوت السماوات، ولهذا كأنه يشبه رجلاً يُخرج من كنزه جددا وعتقاء لتعلمه بانتظام فالذي يأخذ يُعطي والذي لم يأخذ لم يُعط لأنه ليس عنده ما يعطيه للناس وبناء على ذلك التعلم مبني على التعرف والإدراك والتطبيق أي أعيش ما تعلمته
ثالثاً: – الكلمة المفتاحية في العلاقة مع الأخرين هي التجسد
فَلْيَكُنْ فِيكُمْ هَذَا الْفِكْرُ الَّذِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ أَيْضاً: الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً لِلَّهِ. لَكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ آخِذاً صُورَةَ عَبْدٍ صَائِراً فِي شِبْهِ النَّاسِ. وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ. (في 2: 5- 8)
التجسد يحتاج إلى إخلاء، أي تخلى الخادم عن مركزه ومكانته وراحته ومكانتي من أجل الآخرين، فكما تخلى المسيح عن استخدام لاهوته لكي يصل لنا ويخلصنا نحتاج نحن أيضاً كخدام أن نخلي أنفسنا في سبيل الوصول وخدمة الأخر، فنحتاج أن ذهب نحن للأخرين لا ننتظرهم هم ن يأتوا إلينا
فلابد أن أترك مكاني من أجل أن أخذ مكان الآخرين. لكي أشعر بآلامهم واحتياجاتهم، فأسد هذه الاحتياجات.
رابعاً: – الكلمة المفتاحية في قدس الأقداس هي الاتحاد:
وَالآنَ إِنْ غَفَرْتَ خَطِيَّتَهُمْ وَإِلاَّ فَامْحُنِي مِنْ كِتَابِكَ الَّذِي كَتَبْتَ (خر 32: 32)
يعلم موسى أن الله يريد أن يغفر للشعب لأنه يحبه، ولكنه يشعر بالله وماذا يريد أن يفعل، وفي نفس الوقت يشعر أيضا بالشعب لذلك قال موسى لله إن كنت تريد أن تمحوهم فمحني من كتابك أنا أيضاً وإلا فغفر لهم، وهذا أكبر دليل على اتحاد موسى بالله وبالآخرين فنحن كخدام مؤمنين لا نقدر أن نفعل كما فعل موسى إلا إذا اتحدنا بقلب الله وبالناس.
هذه الأبعاد ليست منفصلة بعضها عن بعض لكنها مرتبطة ببعضها فيوجد علاقة بين التلميذ والابن وعلاقة بين التلميذ والخادم، وعلاقة بين الخادم والكاهن، وعلاقة بين الكاهن والابن
وفيما يلي سنتناول هذه العلاقات بشكل أكثر تفصيلاً
أولاً: – علاقة التلميذ بالدور النبوي
» فَالآنَ إِنْ كُنْتُ قَدْ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ فَعَلِّمْنِي طَرِيقَكَ حَتَّى أَعْرِفَكَ لِكَيْ أَجِدَ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ. وَانْظُرْ أَنَّ هذِهِ الأُمَّةَ شَعْبُكَ» (خر 33: 13)
علمني طريق الحق حتى أعرفك فالنعمة التي في عيني الله في العلاقة معه تريد أن تعرفني طرقه فبقدر حبي لله بقدر حبي لمعرفة طرقه فأريد أن أكون تلميذاً لأن معرفتي للحق تساعدني على معرفة الله أكثر، الابن النجيب يكون تلميذاً نجيباً، والتلميذ النجيب سيكون ابنا أكثر
»وَالآنَ أَسْتَوْدِعُكُمْ يَا إِخْوَتِي لِلَّهِ وَلِكَلِمَةِ نِعْمَتِهِ الْقَادِرَةِ أَنْ تَبْنِيَكُمْ وَتُعْطِيَكُمْ مِيرَاثاً مَعَ جَمِيعِ الْمُقَدَّسِينَ. « (أع 20: 32)
» فَأَجَابَ يَسُوعُ: «تَضِلُّونَ إِذْ لاَ تَعْرِفُونَ الْكُتُبَ وَلاَ قُوَّةَ اللَّهِ. » (متى 22: 29)
ثانياً: – علاقة الخادم بالدور التعليمي
وَالْفَاهِمُونَ يَضِيئُونَ كَضِيَاءِ الْجَلَدِ وَالَّذِينَ رَدُّوا كَثِيرِينَ إِلَى الْبِرِّ كَالْكَوَاكِبِ إِلَى أَبَدِ الدُّهُورِ (دا 12: 3)
الفاهمون سيضيئون وبالتالي سيردون كثيرين إلى البر
أَعْطَانِي السَّيِّدُ الرَّبُّ لِسَانَ الْمُتَعَلِّمِينَ لأَعْرِفَ أَنْ أُغِيثَ الْمُعْيِيَ بِكَلِمَةٍ. يُوقِظُ كُلَّ صَبَاحٍ يُوقِظُ لِي أُذُناً لأَسْمَعَ كَالْمُتَعَلِّمِينَ. السَّيِّدُ الرَّبُّ فَتَحَ لِي أُذُناً وَأَنَا لَمْ أُعَانِدْ. إِلَى الْوَرَاءِ لَمْ أَرْتَدَّ. (أش 50: 4 – 5)
التلميذ قادر أن يغيث المعيي بكلمة قادر أن يعلم الناس طرقه وبالتالي فالتلميذ هو أنسب شخص قادر أن يخدم حياة الناس.
ثالثاً: – علاقة الخادم بالدور الكهنوتي
يَا لَيْتَ رَأْسِي مَاءٌ وَعَيْنَيَّ يَنْبُوعُ دُمُوعٍ فَأَبْكِيَ نَهَاراً وَلَيْلاً قَتْلَى بِنْتِ شَعْبِي (أر 9: 1)
نجد في هذا الشاهد اتحاد أرميا بشعبه وألمه لأجلهم مما جعله يبكي من أجلهم نهاراً وليلاً من أجلهم بالرغم من اضطهادهم له لكن هو شخص منهم يحبهم فيصلي من أجلهم
رابعاً: – علاقة الكاهن بالدور النبوي
وَأَمَّا أَنَا فَحَاشَا لِي أَنْ أُخْطِئَ إِلَى الرَّبِّ فَأَكُفَّ عَنِ الصَّلاَةِ مِنْ أَجْلِكُمْ، بَلْ أُعَلِّمُكُمُ الطَّرِيقَ الصَّالِحَ الْمُسْتَقِيمَ. (1صم 12: 23)
اتحاد صموئيل بالله جعله يصلى من أجل الشعب
هناك أيضاً مبادئ لكل دور في هذه الأبعاد
– مبادئ الدور النبوي هي الشركة والرؤية
– مبادئ دور التلميذ هي المنهج والمنهاج
– مبادئ خدمة الآخرين هي المواهب والخدم، ومبادئ وقوانين الخدمة
– مبادئ الدور الكهنوتي هي التسبيح والتشفع.
وسوف نشرح هذه المبادئ بالتفصيل في الحلقات القادمة