مدرسة المسيح · الروح القدس وعلاقتنا به – حلقة 6– علاقتنا بالروح القدس
خامساً: علاقتنا بالروح القدس
مقدمة
علاقة المؤمن بالروح القدس يصفها البعض بأن لها بُعداً أحادياً متدرجاً في العمق، وهو سكنى الروح الذي يتزايد تدريجياً إلى الملء، والذي يتكرر عند الاحتياج. والبعض الآخر يصف العلاقة بأن لها بعدين مختلفين هما السكنى والملء، وهذا ما أعتقده بناءً على الدراسة الكتابية التالية
أولاً : سُكنى الروح القدس
الذي يحدث عند قبول المسيح رباً ومخلصاً هو الولادة الجديدة، التي هي من فوق، من الماء والروح (يو 3: 3 – 8)، فيسكن فينا في ذلك الوقت الروح القدس، كما يتضح ذلك من الآيات الآتية:
– (1كو 3: 16) «أما تعلمون أنكم هيكل الله وروح الله يسكن فيكم»
– (2كو 6: 16) «فإنكم أنتم هيكل الله الحي كما قال الله أنني سأسكن فيهم وأسير بينهم»
– (رو 8: 11) «وإن كان روح الله 000 ساكناً فيكم 000 سيحيي أجسادكم المائتة أيضاً بروحه الساكن فيكم»
– (2تي 1: 14) «احفظ الوديعة الصالحة بالروح القدس الساكن فينا»
– (1كو 6: 19) «أم لستم تعلمون أن جسدكم هو هيكل للروح القدس الذي فيكم الذي لكم من الله وأنكم لستم لأنفسكم»
سكنى الروح القدس بمعنى وجود الروح القدس داخلنا، فكل من يقبل المسيح في قلبه يسكن أي يمكث فيه الروح القدس.
فنحن عندما نقبل المسيح رباً ومخلصاً لحياتنا يسكن فينا روح المسيح، فحدوث السكنى مرهون بقبول المسيح في الحياة. عندها يصبح المؤمنون هم أنفسهم بيت لله، هيكل لله. نحن بيت يسكن فيه الله، فكل مؤمن مدعو أن يكون مسكناً للروح القدس. وما أعظم هذا الامتياز، ويالها من مسئولية!
ثانياً : الملء من الروح القدس
هو عطية مستقلة عن السكنى تحدث في وقت محدد، وليست تدريجية، ولكنها تتكرر وتزداد عمقاً واتساعاً عند الحاجة.
ملء الروح (أع2: 4 و4: 8 و4: 31 و9: 7 و7: 55 و11: 24)
وللملء أسماء متعددة كما ورد في سفر أعمال الرسل:
موعد الآب (أع 1: 4)
معمودية الروح (أع 1: 5، 11: 16)
حلول الروح (أع 1: 8، 8:16، 10: 44، 11: 15، 19: 6)
انسكاب الروح (أع 2: 17، 10: 45)
عطية الروح (أع 2: 38، 39)
موهبة الله (أع 8: 20)
موهبة الروح القدس (أع 10: 45) الموهبة (أع 11: 17)
عطية الروح القدس (أع 2: 38)
قبول الروح (2: 38 و8: 15، 17 و10: 47 و19: 1)
والنتيجة الحادثة في كل المرات هو قبول الروح (بالعطية أو الحلول أو الانسكاب)
في هذه الأعداد جميعها يتحدث المسيح ومن بعده يشير الرسول بطرس إلى حادثة معينة في يوم معين، عطية سيمنحهم الله لهم. وكل ما سبق من تعبيرات إنما لتوضيح أبعاد هذا الحدث الجليل، كأن يكون مثلاً لشخص معيَّن: اسم، ولقب، واسم شهرة، وفي نفس الوقت تكون له عدة صفات يوصف بها، لكنه في النهاية شخص واحد تتكلم عنه، كذلك كل المسميات السابقة تتكلم عن نفس الحادثة؛ شيء واحد أطلقت عليه عبارات مختلفة: ملء، معمودية، حلول، انسكاب، موهبة، موعد الآب.
هذا يختلف تماماً عن السكنى، فالسكنى تعني أن الروح القدس موجود، لكن الملء بمعنى معمودية أي شيء نغرق فيه.. يملأنا، ويحيط بنا من كل جانب، ويفيض علينا، ويغمرنا، ويغطينا، ويحتوينا، فهو يتكلم عن موهبة الآب كعطية خاصة وشيء متميز يعطيه الأب لنا. والعطية ليست الروح القدس، فالروح القدس هو شخص الله، لكن العطية هي الامتلاء من الروح القدس. فروح الله يبكتنا ونحن بعيدين، وعندما نقبل المسيح يسكن فينا، وعندما نفسح له المجال في حياتنا يملأنا، ويغمرنا، ويجتاحنا، ويحل علينا.. فتتولد التعزية والرغبة في القداسة والشهادة والفرح، وأشياء كثيرة أبعادها أوسع من مجرد السكنى.
أربعة أسئلة هامة
أ- ما الدليل على أن السكنى كتابياً تختلف عن الملء؟
1- الدراسة المتأنية لقصة مدينة من السامرة (أع 8)
تظهر كيف أنهم آمنوا واعتمدوا (أع 8: 13) وهذا يعني سكنى الروح القدس فيهم. ثم نقرأ في(أع 8: 15، 16) «اللذين لما نزلا صليا لأجلهم لكي يقبلوا الروح القدس. لأنه لم يكن قد حل بعد على أحد منهم».
لم يستخدم الوحي هنا كلمة سكنى بل «حلول» و«قبول الروح القدس» كما أنه كيف يكون بوضع أيدي الرسل يحدث ملء تدريجي (أع8: 17)، مع أن ما حدث كان اختباراً لحظياً؟؟
2- لقاء شاول بحنانيا (أع 9: 17)
«فمضى حنانيا ودخل البيت ووضع عليه يديه وقال أيها الأخ شاول قد أرسلني الرب يسوع الذي ظهر لك في الطريق الذي جئت فيه لكي تبصر وتمتلئ من الروح القدس»
كان شاول قد التقي بالرب يسوع وأخضع نفسه له، ولمده ثلاثة أيام كان صائماً ويصلي. لم يأتِ حنانيا لكي يكرز له أو يكلمه عن خلاص نفسه، بل بالتحديد لكي يصلي لأجله لينال الشفاء، وليعتمد بالماء ويمتلئ من الروح القدس. أي أن الروح القدس كان ساكناً فيه بالإيمان بالمسيح. والملء هنا لم يكن تدريجياً، بل جاء حنانيا لكي يمتلئ شاول بالروح.
3- قصة كرنيليوس (أع 10)
بينما كان بطرس يكرز لكرنيليوس وأهل بيته ويشرح لهم طريق الخلاص وأن كل من يؤمن به ينال باسمه غفران الخطايا (10: 43)، « حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ… لأَنَّ مَوْهِبَةَ الرُّوحِ الْقُدُسِ قَدِ انْسَكَبَتْ عَلَى الأُمَمِ أَيْضاً،» (عددي 44، 45)
هذا الحديث لا يدل على شيء يرتبط بقبولهم المسيح كمخلص شخصي، لكنه يتعلق بالعلاقة مع موعد الأب، وحلول الروح، وانسكاب الروح، وقبولهم لهذه العطية المباركة. كما أن تعليق بطرس على هذه الحادثة (في أع 11) يستخدم نفس العبارات
حل الروح القدس عليهم (15)
أما أنتم فستعمدون بالروح القدس (16)
الله أعطاهم الموهبة (17)
4- قصة أفسس (أع 19)
ماذا يعني سؤال بولس الرسول: «هل قبلتم الروح القدس لم آمنتم؟». بغض النظر عن ردهم، يعني السؤال أن بعد الأيمان والمعمودية هناك شيء آخر ينبغي على المؤمن أن يفعله، وهو أن يقبل الروح القدس، والذي ارتبط- كما ذكرنا من قبل- بالحلول والمعمودية. وهذا ما نراه قد حدث بعدها:
«فلما سمعوا اعتمدوا باسم الرب يسوع ولم وضع بولس يديه عليهم حل الروح القدس عليهم» (19: 5)
5- هذا يتطابق مع ما جاء في موعظة بطرس في (أعمال 2)
«فقال لهم بطرس: توبوا وليعتمد كل واحد منكم على اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا فتقبلوا عطية الروح القدس You will Receive Gift » (عدد38)
نرى هنا التتابع: التوبة، ثم المعمودية، ثم قبول
عطية الروح
حلول الروح
انسكاب الروح
معمودية الروح
6 – والسؤال البديهي (يوم الخمسين)
هل كان التلاميذ قبل يوم الخمسين مؤمنين بالمسيح دون سكنى الروح القدس فيهم؟ ولماذا ربط السيد المسيح معمودية الروح وحلول الروح بنوال القوة للشهادة، إذا كانت هي السكنى وليست أكثر من هذا (1: 8)؟
7 – معمودية السيد المسيح
تقرأ في (لو 3: 22) كيف نزل الروح القدس عليه بصورة جسمية،
ثم في (لو 4: 1) كيف عاد من الأردن ممتلئاً من الروح.
ألم يكن الروح القدس فيه، بل هو روحه نفسها قبل هذا اليوم؟
أيضاً،كيف لم يركز الكتاب مرة واحدة على أن الحلول وانسكاب الروح هو نفسه السكنى؟
8 – وكيف يكون الملء تدريجياً في حياة المؤمنين؟
ونحن نراه في (أع 2: 4 و4: 8 و4: 31 و7: 55) اختباراً حدث في لحظة معينة؟
– وكيف يكون الملء تدريجياً وهو يتكرر مع نفس الشخص عده مرات (كما نرى مع بطرس في (أع 2: 4 و4: 8 و4: 31)؟
وكيف يكون الملء تدريجياً وهو شرط يضعه الكتاب للوظائف الكنسية (أع6: 3 و11: 24)؟