مدرسة المسيح · الروح القدس وعلاقتنا به – حلقة 11 – تابع مواهب الروح القدس
تابع مواهب الروح القدس
كلام علم
الله يعطينا كلام علم، فنعرف ما في قلوب الآخرين. مثال: قصة حنانيا وسفيرة (أع 5: 1-11).
1وَرَجُلٌ اسْمُهُ حَنَانِيَّا وَامْرَأَتُهُ سَفِّيرَةُ بَاعَ مُلْكاً 2وَاخْتَلَسَ مِنَ الثَّمَنِ وَامْرَأَتُهُ لَهَا خَبَرُ ذَلِكَ وَأَتَى بِجُزْءٍ وَوَضَعَهُ عِنْدَ أَرْجُلِ الرُّسُلِ. 3فَقَالَ بُطْرُسُ: «يَا حَنَانِيَّا لِمَاذَا مَلأَ الشَّيْطَانُ قَلْبَكَ لِتَكْذِبَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ وَتَخْتَلِسَ مِنْ ثَمَنِ الْحَقْلِ؟ 4أَلَيْسَ وَهُوَ بَاقٍ كَانَ يَبْقَى لَكَ؟ وَلَمَّا بِيعَ أَلَمْ يَكُنْ فِي سُلْطَانِكَ؟ فَمَا بَالُكَ وَضَعْتَ فِي قَلْبِكَ هَذَا الأَمْرَ؟ أَنْتَ لَمْ تَكْذِبْ عَلَى النَّاسِ بَلْ عَلَى اللهِ». 5فَلَمَّا سَمِعَ حَنَانِيَّا هَذَا الْكَلاَمَ وَقَعَ وَمَاتَ. وَصَارَ خَوْفٌ عَظِيمٌ عَلَى جَمِيعِ الَّذِينَ سَمِعُوا بِذَلِكَ. 6فَنَهَضَ الأَحْدَاثُ وَلَفُّوهُ وَحَمَلُوهُ خَارِجاً وَدَفَنُوهُ. 7ثُمَّ حَدَثَ بَعْدَ مُدَّةِ نَحْوِ ثَلاَثِ سَاعَاتٍ أَنَّ امْرَأَتَهُ دَخَلَتْ وَلَيْسَ لَهَا خَبَرُ مَا جَرَى. 8فَسَأَلَهَا بُطْرُسُ: «قُولِي لِي أَبِهَذَا الْمِقْدَارِ بِعْتُمَا الْحَقْلَ؟» فَقَالَتْ: «نَعَمْ بِهَذَا الْمِقْدَارِ». 9فَقَالَ لَهَا بُطْرُسُ: «مَا بَالُكُمَا اتَّفَقْتُمَا عَلَى تَجْرِبَةِ رُوحِ الرَّبِّ؟ هُوَذَا أَرْجُلُ الَّذِينَ دَفَنُوا رَجُلَكِ عَلَى الْبَابِ وَسَيَحْمِلُونَكِ خَارِجاً». 10فَوَقَعَتْ فِي الْحَالِ عِنْدَ رِجْلَيْهِ وَمَاتَتْ. فَدَخَلَ الشَّبَابُ وَوَجَدُوهَا مَيْتَةً فَحَمَلُوهَا خَارِجاً وَدَفَنُوهَا بِجَانِبِ رَجُلِهَا. 11فَصَارَ خَوْفٌ عَظِيمٌ عَلَى جَمِيعِ الْكَنِيسَةِ وَعَلَى جَمِيعِ الَّذِينَ سَمِعُوا بِذَلِكَ.
أعلن الروح القدس الكذب الذي في قلب حنانيا لبطرس، وكانت النتيجة أنه «صار خوف في كل نفس» (عدد 11). ما أروع أن يعطي الله كلام علم للقادة وللخدام في شعب الرب. ماذا سيكون مصير النفاق، والكذب، والالتواء، والادعاء؟ الله يكشف خبايا القلوب، ليس ليدين بل ليُقوِّم ويرشد الذين بحاجة إلى إرشاد وتقوييم.
كلام الحكمة
كثيراً ما نقف أمام قضايا ومشاكل لاهوتية أو عملية لا نستطيع لشدة صعوبتها أن نصيغ قراراً معيناً يحل المشكلة بكل جوانبها أو يصوغ فكرنا بصورة متزنة. فمثلاً مع بداية الكنيسة ظهرت مشكلة كبيرة كان لا بد من الفصل فيها، وهي «ختان الأمم» (أع 15: 1-19) فاجتمع مجمع أورشليم الأول لمناقشة كل الآراء المطروحة في هذه القضية، وفي النهاية وقف يعقوب وصاغ القرار وقال: سمعنا الاختبارات، وأمامنا الحق الكتابي الذي يؤكده في النهاية «رأى الروح القدس ونحن أن لا نضع عليكم ثقلاً أكثر غير هذه الأشياء الواجبة». وحذَّرهم مما ذُبح للأوثان، وصاغ قراراً رائعاً وحَّد فكر الكنيسة. فكلام الحكمة يأتي بحكمة الله لنا فتستريح النفوس كلها.
وعُرضت على سليمان قضايا كثيرة يستحيل فيها الفصل والقضاء كمشكلة المرأتين والطفل، فلم تكن عندهم تحاليل جينية تحسم الأمور (1مل 3: 16)، ولكن بكلام الحكمة استطاع الفصل في العديد من المشاكل. نعم تحتاج الكنيسة وسط عالم ملتو ومشاكل عويصة لكلام الحكمة ليقودنا لمشيئة الله، ويحفظ وحدانية الجسد.
إيمان بالروح
تحتاج الكنيسة إلى إناس لديهم موهبة الإيمان التي بها يستطيعون أن يرفعوا صوتهم بثقة لأجل الكنيسة كي تشكر الله، لأن الرب قد استمع للصلاة، وتحثهم على قبول الاستجابة. هذا النوع من الإيمان الخارق يستطيع أن يرى الأشياء قبل أن تحدث، ويستطيع أن يرى انتعاش الكنيسة وهو لم يأت بعد، كما هو مكتوب: «بالإيمان قهروا ممالك، صنعوا براً، نالوا مواعيد»
( عب 11: 33)، و«كان إيليا إنساناً تحت الآلام مثلنا، وصلى صلاة أن لا تمطر، فلم تمطر»
(يع5: 17)، فموهبة الإيمان تشجع الكنيسة للصلاة ونوال المواعيد العظمى والثمينة، ولامتلاك الأراضي الروحية الموهوبة لنا من الله.
مواهب شفاء
بمعنى أن الله يعطي الكنيسة بركة أن يوجد فيها أناس لديهم موهبة أن يصلوا للمرضى فيشفون. عندما أرسل المسيح التلاميذ قال لهم «اكرزوا بالإنجيل.. واشفوا مرضى». (متى 10: 7، 8)
الله دعانا ككنيسة أن نقدم إنجيل الغفران وإنجيل محبة الله للناس، وأمرنا أن نقدم محبة المسيح الغافرة وقدرة المسيح الشافية. هل معنى هذا أنه لو وُجد في الكنيسة شخص لديه هذه الموهبة فإنه يتعامل مع جميع المرضى فيشفون؟ بالطبع لا! فدعوة «اشفوا مرضى» تعني «بعض المرضى». ليس هناك أي وعد كتابي بأن جميع المرضى يبرأون، ولكن لدينا الوعد بأن «نشفي مرضى»… تلمسهم محبة الله ويتمجد المسيح في أجسادهم. الله يريد أن يمد يده بالشفاء للكنيسة. المشكلة في تصورنا الخاطئ أن الله يريد أن يشفي كل مريض، ولكنه لا يسمع، لأن العيب في إيمان الشخص المريض، أو إيمان من يصلون له طالبين الشفاء. وهذا فكر غير كتابي، لأن المرض ليس من الله، كما أنه ليس بالضرورة أن يكون ضربة مباشرة من إبليس، فعندما يكون المرض من إبليس ننتهر إبليس فيُشفى المريض، كما أن هناك أمراضاً موجودة بسبب الشر الذي في العالم الموضوع في الشرير، وبسبب جرثومة الخطية في العالم، وبسبب طبيعة العالم الفاسدة. فأحياناً يتمجد الله في المريض بالشفاء، وأحياناً يريد أن يستخدم هذا الشيء الذي ليس منه لخير المريض ولخير المحيطين به. ضُرب بولس بشوكة في الجسد من «ملاك الشيطان» وتضرع ثلاث مرات، وكانت إجابة الله: «تكفيك نعمتي لأن قوتي في الضعف تكمل» (2كو 12: 7-10). فهذا الذي كانت تؤخذ مناديل عن جسده فيشفي كثيرين قَبِلَ ضعفه لمجد الله. فهناك شفاء لمجد الله ليثبت محبته للمريض ليتمجد في عيون الناس، وهناك مرض يسمح به ويستخدمه للبناء وللخير.
نحن هنا على الأرض لنا حق كمال فداء أرواحنا ونفوسنا، لكن نئن في أنفسنا لننال فداء أجسادنا، وهذا ما سيحدث فقط في السماء (رو 8: 18-26). ونحن في العالم لا نملك وعد فداء كامل للجسد الآن، لكن عندنا يد الله الشافية التي تمتد لمرضى فيشفون. لذلك لا بد لنا أن نصلي للمرضى، وحين يشجعنا الله بأن هذا المرض سيتمجد فيه، نضع ثقتنا فيه لأجل الشفاء. وإذا أجاب أن هذا المرض للموت نودع هذا الشخص لكمال شفاء الجسد الذي هو بالانتقال للسماء، فالموت للمؤمن ليس كارثة، بل هو أعظم لحظة، فهو كمال الفداء «ذاك أفضل جداً». بالنسبة لنا، فقد ودَّعنا حبيباً، ولكن بالنسبة للشخص نفسه هذا أفضل جداً. لكن إذا أراد الله أن يُبقيه في الجسد فلكي تُبنى الكنيسة. علينا فقط أن نميز مشيئة الله.
عمل القوات
ليس معنى عمل القوات هو وجود شخص له من القدرات الخاصة ما يزيل كل العقبات أمام الكنيسة، لكن الرب في مواقف خاصة يقوم بعمل قوات تمجده في عيون شعبه وعيون المحيطين بهم. سمعان بطرس في السجن وكانت الكنيسة تصلي بلجاجة لأجله (أع 12: 6-10) فقد شعرت باحتياجها له. كانت الكنيسة قد فقدت يعقوب وخافت أن تفقد بطرس أيضاً، وجاء ملاك الرب وفك القيد وفتح أبواب السجن وأطلقه حراً. دائماً هناك ضرورة لعمل القوات والرب دائماً يمد يده للكنيسة بآيات وعجائب. كذلك فعل مع بولس وسيلا عندما تزعزعت أساسات السجن (أع 16: 19-34). هناك ضرورة أن ينزل فيلبس ليلتقي بالخصي الحبشي، ومن بعدها أراده الله في أشدود. يقول الكتاب «فوجد في أشدود» (أع 8: 26-40). إن إلهنا إله خارق للطبيعة.
نحتاج إلى مواهب الشفاء وعمل القوات، ليس لكي يُشفى كل مريض، أو لتُحل كل المشاكل، لكن لإعلان مجد الله في الكنيسة. الكنيسة الأولى خرجت لعالم غير مؤمن، فاحتاجت أن يؤيدها الله بالآيات والعجائب ومواهب الروح القدس. وكنيسة اليوم في نفس وضع الكنيسة الأولى، بل هي أشد احتياجاً من الكنيسة الأولى، فهي تحتاج بشدة إلى شركة الروح القدس التي تقف بجوار الكنيسة فتملأها تعزية ومعرفة وقوة ومحبة تثمر فيها ثمر الروح، وتؤيدها بهذه المواهب التي تبني الكنيسة وتمجد الله.
تمييز أرواح
بهذه الموهبة يستطيع الشخص أن يميز أعمال إبليس ودوره في حياة الناس، ويمارس من خلالها الحرب الروحية ليمنع شر إبليس وملائكته عن حياة الناس، خاصة هؤلاء المُمتَلكين بأرواح شريرة. ويستطيع هذا الشخص أن يميز إن كان هناك روح شرير أم لا، وإن كان قد خرج منه أم لا. وأعداد هؤلاء المساكين من حولنا كثيرة جداً، لكثرة أعمال السحر والشعوذة. كما أن هناك فرقاً كبيراً بين المريض نفسياً وبين من يسكنه روح نجس. ويشمل تمييز الأرواح مجالاً أوسع من هذا، فهو يميز تدخلات العدو المختلفة ضد الكنيسة، فلا يجب أن نجهل أفكاره.
تحتاج الكنيسة بحق لهؤلاء القادرين على تمييز الأرواح، وقد تعامل المسيح نفسه مع الأرواح الشريرة مرات عديدة وكذلك التلاميذ والرسل أيضاً.
والى اللقاء في الحلقة القادمة