تناولنا في المحاضرة السابقة المبدأ الثالث من مبادئ التلمذة وهو الانضباط. وهو أحد المبادئ الهامة في مدرسة المسيح، فعلى تلميذ مدرسة المسيح أن يتعلم هذا المبدأ ويتدرب عليه في كل نواحي حياته سواء في الفكر أو المشاعر أو اللسان حتى نكون مؤهلين لخدمة السيد.
في هذه المحاضرة، سوف نتناول المبدأ الرابع من مبادئ هذه المدرسة. وسيساعدنا هذا المبدأ في التدرّب على المبدأ الثالث الذي تناولناه في المحاضرة السابقة وهو الوداعة
الوداعة هي المرونة وسهولة التشكيل والتغيير، فلا يعود التلميذ كما كان في السابق. وهي الرغبة في التعلُم والإلحاح المستمر فيه. كما أن الوداعة هي الجوع في طلب الحق باستمرار والرغبة الشديدة في التدَرب عليه.
الوديع هو الشخص الراغب في التعلُم والذي يشتاق ويبحث عما يتعلمه ومن يُعلمه.
طُوبَى لِلْجِيَاعِ وَالْعِطَاشِ إِلَى الْبِرِّ لأَنَّهُمْ يُشْبَعُونَ.(مت5: 6)
يَأْكُلُ الْوُدَعَاءُ وَيَشْبَعُونَ. يُسَبِّحُ الرَّبَّ طَالِبُوهُ. تَحْيَا قُلُوبُكُمْ إِلَى الأَبَدِ. (مز22: 26)
طُرُقَكَ يَا رَبُّ عَرِّفْنِي. سُبُلَكَ عَلِّمْنِي. دَرِّبْنِي فِي حَقِّكَ وَعَلِّمْنِي. لأَنَّكَ أَنْتَ إِلَهُ خَلاَصِي. إِيَّاكَ انْتَظَرْتُ الْيَوْمَ كُلَّهُ …اَلرَّبُّ صَالِحٌ وَمُسْتَقِيمٌ لِذَلِكَ يُعَلِّمُ الْخُطَاةَ الطَّرِيقَ. يُدَرِّبُ الْوُدَعَاءَ فِي الْحَقِّ وَيُعَلِّمُ الْوُدَعَاءَ طُرُقَهُ. (مز25: 4, 5، 8, 9)
يصرخ كاتب المزمور إلى الرب صرخة الوديع الذي يريد أن يتعلم ويتدرب وينتظر الرب، فيرد الله عليه بأنه يبحث عن الوديع القابل للتشكيل؛ الذي ينتظر الرب لكي يدربه ويعلمه طرقه.
تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ وَأَنَا أُرِيحُكُمْ. اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ. لأَنَّ نِيرِي هَيِّنٌ وَحِمْلِي خَفِيفٌ». (مت11: 28- 30)
يعلن المسيح هنا هذا السر …. رغم أن نير المسيح يبدو ثقيلاً وحمله لا يطاق إلا أن الحقيقة أن نيره هين وحمله خفيف. السر هنا هو الوداعة التي تجعل الانسان قابلاً للتشكيل والتغيير، فمهما كانت ظروف الحياة ووطئتها فالله يستخدم كل هذه الظروف لكي يُشكل ويصنع منا تلاميذ على صورة المسيح
الوداعة هي السر الذي يجعلك تتشكل بسهولة لتصير على شبه يسوع. هي المفتاح الذي يفتح لك الحياة في المسيح على مصراعيها فتجري في الطريق الذي يفتحه الله للأبرار فلا يعثرون فيه.
السبب الرئيسي وراء عدم الوداعة وعدم رغبتي في التشكيل والتغيير حتى أصير مشابهاً لصورة الرب يسوع هو الكبرياء واعتدادي برأيي وأفكاري وتمسكي بما أومن به حتى لو اكتشفت عدم صحته.
الوداعة والقابلية للتشكيل هي التي تساعدني أن اتدرب على كل مبادئ التلمذة التي تكلمنا عنها لأني إذا لم أكن قابلاً للتشكيل والتغيير فلن أستطيع أن أتعلم الانضباط في حياتي ولن أبغي طاعة مرشدي في الرب ولن أجد قيمة في إنتمائي للجسد..