اختيار شريك الحياة – حلقة 9 – التعامل مع المشاعر والعلاقات العاطفية

اختيار شريك الحياة – حلقة 9 – التعامل مع المشاعر والعلاقات العاطفية

في قسم “اختيار شريك الحياة” نناقش (7) موضوعات هي:
مفهوم الزواج
المبدأ الكتابي للإختيار
النضوج الإنساني
الصداقة
العلاقات العاطفية المبكرة
المواصفات الروحية والنفسية والإجتماعية
دور الله ودوري في اختيار شريك الحياة
بدأنا في الحلقة السابقة مناقشة الموضوع الخامس. في هذه الحلقة نكمل ما بدأناه، ونركز على كيفية التعامل مع المشاعر العاطفية المبكرة وكذلك العلاقات العاطفية غير المنضبطة.
والتعامل مع المشاعر والعلاقات العاطفية، يكون على ثلاثة محاور هي: الروحي –  النفسي –  العملي
على المستوى الروحي
تُنشيء هذه المشاعر أو العلاقات صراع عند المؤمنين. ويحاول البعض منهم- في محضر الله- أن يتلقى إجابة من الله عن موافقته على الاستمرار في هذه المشاعر من عدمه….. هذا موقف خاطئ، لأنه ربما يتوهم المؤمن أن الله يوافق على الاستمرار في هذه العلاقات العاطفية. ولكن الصحيح هو التركيز في الصلاة على ضرورة الوصول إلى شبع روحي بالرب
ذلك، لأن الشبع الروحي يعوض الإنسان كثيراً عن الاحتياج العاطفي في الإنسان. صحيح ان العالم الروحي ليس هو العالم النفسي، لكن يعطي الشبع الروحي للمشاعر الإنسانية راحة وتعويض هائل وبُعد جديد من مشاعر الحب في العلاقة مع المسيح.
قال الرب يسوع: “تحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك ومن كل قدرتك”، وهذه فرصة للإنسان أن يختبر ويمارس ويعيش مشاعر حب لربنا يعوض مشاعر حب وجوع داخلي للحب يريد التخلص منه.
هذا وقد ذكرنا سابقاً أن المشاعر العاطفية ربما تقود إلى علاقات عاطفية هدامة، ولكن إذا تعاملت مع المشاعر العاطفية بطريقة صحيحة، فسوف تقودك إلى نضوج هائل على المستويين الروحي والنفسي.
عندما أُحب الرب من كل نفسي ومشاعري ووجداني- هذا يجعل علاقتي بالله مميزة جداً، تقودني إلى مشاعر مقدسة وحب جميل تجاه شريك الحياة. هذا دواء ناجح لمشاعري العاطفية المجروحة، ودواء عظيم للفراغ العاطفي الناتج عن علاقة مكسورة.
على المستوى النفسي
س: ما هو التدريب العملي للتخلص من هذه المشاعر؟
ج: تعتبر المشاعر الداخلية طاقة عظيمة. وتتبع هذه الطاقة إما الفكر أو العين، فالمشاعر تولد نتيجة ماتراه أو نتيجة ما تفكر فيه.
والتدريب يكون على المستوى الروحي والمستوى النفسي:
على المستوى الروحي عن طريق الشبع بمحبة الرب- وذلك عندما أحبه من كل القلب والنفس والفكر.
على المستوى النفسي (الفكر) بأن أعظ نفسي: “…. واعظين بعضنا بعضاً وبالأكثر على قدر ما ترون اليوم يقرب”… أكلم مشاعري، وأقول لها أتريدين السعادة أم الشقاء؟! أتريدين مجرد تنفيذ رغباتك أم الخير الأعظم لك وللآخرين؟! أعظ نفسي وأتعلم أن عقلي يسبق مشاعري، كما أتدرب على وضع لجام لمشاعري وذلك عن طريق عقلي.
عندما أمارس هذا التدريب، ربما احتاج- في أول مرة- إلى 6 شهور حتى أضبط مشاعري… بعدها 4 شهور ثم شهرين ثم أسبوع …. لابد أن تتعلم مشاعري أن تنقاد إلى عقلي (تسمع الكلام)، وإلا فستستمر قاطرتي هي قاطرة المشاعر.
من المهم أن أكلم نفسي يومياً بالحق، وأصدر أوامر إلى مشاعري بأن تصغى إلى صوت العقل والتعقل.
 على المستوى العملي
“لازم أخذ موقف: لن نتقابل… لن أرسل رسالة.. لن أتحدث في التليفون”، والسبب في ذلك يرجع لعدة أمور منها:
أن تنجح (الروشتة) المقررة على المستوى الروحي والنفسي… وأعطى فرصة للدواء حتى يعمل بداخلي لشفائي.
ولكن الأهم، أن تعرف مشاعري أن إرادتي اصبحت تتبع قاطرة العقل أي أن الإرادة والفعل- منذ اليوم- لن تتبع المشاعر.
إذاً، موقف الابتعاد في الفترة الأولى، ليس فقط حتى تهدأ مشاعري بل أيضاً لأعطي فرصة لنمو علاقة جميلة مع السيد المسيح، وكذلك للتدريب على تغيير القاطرة (من قاطرة المشاعر إلى قاطرة العقل) وإرسال رسالة للمشاعر بأنني سأفعل ما أقتتنع به وليس ما أشعر.
تختل أنك أخذت فرصة (6 شهور) للتدريب والوصول إلى: النضوج والعمق وتغير قاطرة الحياة والطريقة التي تتعامل بها مع نفسك وضبط النفس الذي يتحدث عنه بولس “أقمع جسدي واستعبده”- إنها أكبر فرصة لتعلّم الدرس الذي يتحدث عنه الرسول بولس- في العلاقات العاطفية،والتي هي أقوى مشاعر إنسانية بلا لجام. هذا، لأنه عندما أستطيع ضبط العلاقات العاطفية، فسيكون من السهل علّى أن أضبط الغضب والشهوة وحب الظهور والنهم في الطعام وكل المشاعر غير المنضبطة التي تُفسد علّى حياتي.
وعليه، عندما أستطيع ضبط أكبر طاقة رياح بداخلي، فمن السهل علّى ضبط أي طاقة أخرى غير منضبطة في داخلي. والعكس صحيح، إن لم أتعلم أن أضبط مشاعري وأتحكم بها فسوف أرتكب حماقات- لا يعلم مداها إلا الله- في لحظات الضعف. وقد رأينا في الحياة العملية بعض الأزواج من كانوا يحبون زوجاتهم وأطفالهم، أنهم فجأة وبعد سنوات كثيرة من الحب يحبون أخريات كالسكرتيرة أو العميلة…الخ.
ما سبب هذا التحول الفجائي؟ السبب هو أن الرجل لم يتعلم ضبط مشاعره. إن لم أتعلم ضبط النفس (التعفف) قبل الزواج، فلن يمنعني جمال زوجتي من الارتداد إلى الوراء. التعفف هو السلاح الذي أحمله (أتعلمه) منذ الصغر… من أول يوم تعرفت فيه على المسيح، أقول يارب ضع لجام في فمي واضبطني في كل شيء.
على سبيل المثال، أنا وزوجتي من الأشخاص العصبيين- العصبية صفة موروثة- ولكن لا يحدث أي شجار أو مشاكل بيننا والسبب أننا تعلمنا ضبط النفس. يجعل التعفف الإنسان لا يخطئ إذا غضب أو كما قال الكتاب “لا تغرب الشمس على غيظكم”. إن أعظم مدرسة يمكنني فيها تعلّم ضبط النفس في كل شيء هي مدرسة ضبط المشاعر.

Pin It on Pinterest

Share This