مفاهيم خاطئة عند اختيار شريك الحياة
اختيار شريك الحياة – حلقة 2- المفاهيم الخاطئة عن الزواج
في الحلقة الأولى، قلنا إننا سنناقش (7) موضوعات في قسم “اختيار شريك الحياة” وهي:
مفهوم الزواج
المبدأ الكتابي
النضوج الإنساني
الصداقة
العلاقات العاطفية المبكرة
المواصفات الروحية والنفسية والإجتماعية
دور الله ودوري في اختيار شريك الحياة
وبدأنا بالكلام عن (مفهوم الزواج)- ثم ناقشنا ثلاث حقائق هامة من أربعة. في هذه الحلقة نكمل ما بدأناه ونتكلم عن الحقيقة الرابعة، ثم نجيب على بعض الأسئلة.
الحقيقة الهامة الرابعة والأخيرة وهي:
الزواج هو الوحدة المركبة
الوحدة بين الزوجين مثل تعشيق التروس بعضها ببعض، فيصيران ترساً واحداً يستمر في الدوران، فقبل الزواج كانا ترسين ثم أصبحا ترساً واحداً بعد الزواج. أو كما تعبر المعادلة التالية:
واحد + واحدة= وحدة واحدة
أو أكسجين+ نيتروجين= جزيء مياه
فالزواج لا هو أكسجين ولا هو نيتروجين، بل مركب جديد اسمه “عائلة” .
لأجل هذا نذهب إلى الكنيسة لإتمام الزواج، لأنه اختراع إلهي. أما ما يُسمى “الزواج العرفي” فهذا اختراع بشرى صرف.
لذا، فكرة الإستقلال والعزوبية أنتهت بالزواج، فقد صار الإثنان جزيء واحد له طبيعة جديدة وشكل جديد.
يقول الكتاب: ” ……. وَيَكُونُ الاثْنَانِ جَسَداً وَاحِداً.” (أف5: 31)، رغم عدم وضوح ذلك في الشكل (هو لابس أسود وهي لابسة أبيض)، فهما مختلفين ولكن جسد واحد. أيضاً يوضح النص في (مت19: 5، 6): “وَقَالَ: «مِنْ أَجْلِ هَذَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ، وَيَكُونُ الاِثْنَانِ جَسَداً وَاحِداً. 6إِذاً لَيْسَا بَعْدُ اثْنَيْنِ، بَلْ جَسَدٌ وَاحِدٌ. فَالَّذِي جَمَعَهُ اللَّهُ لاَ يُفَرِّقُهُ إِنْسَانٌ” المعجزة الإلهية (اللي عملها ربنا)، فالذي جمعه الله لا يستطيع أن يفرقه إنسان، فلا توجد قوة على الأرض تستطيع أن تنسف الجزيء الجديد.
كذلك، يوضح الكتاب المقدس أن الإتحاد لا يكون فقط في الجسد، بل يشمل أيضاً النفس والروح. وعلى سبيل المثال إن كان المؤمنين روح واحدة، فكم بالحرى يكون طرفي الزواج. إذاً، يكون الإثنان روح ونفس واحدة مثلما هما في الجسد، وإلا إذا كان فقط جسد واحد فالوحدة هنا تبقى وحدة جنسية فقط.
وعليه، الوحدة الكاملة تكون على مستوى الروح والنفس والجسد، وبها تكون كشريك- في الزواج- على طبيعتك مع الآخر، دون تكلف أو اصطناع، وبدون أقنعة أو رياء، وكأنك تجلس وتعيش مع نفسك.
أما العلاقة الجنسية بين الزوجين فهي قمة تعبير الوحدة، وقمة تعبير العطاء وليس الأخذ. ولكن أن يسعى كل طرف لإشباع احتياجه فقط من الجنس دون أن يلتفت إلى الطرف الآخر، فهذه شهوة وليست حب.
الجنس هو عطاء نفسي.. به أسُعد الآخر… أعطي للآخر مشاعري وعواطفي وأحاسيسي … إنه إتحاد روحي ونفسي.. والنتيجة سعادة ووحدة وتكامل بين الزوجين. أما الجنس من أجل الجنس فقط فينتج خيبة أمل و(قرف) رهيب. إذاً، الوحدة هي وحدة متكاملة بين الروح والنفس والجسد…. هي دخول كل من الزوجين لعالم الآخر، فيحدث اختلاط بينهما وكأنهما شخص واحد.
طول الخطوبة، هو شخص تاني
بعد الزوج وبعد ما حصل الإتحاد،
هي بالنسبة لي مش شخص تاني،
وأنا بالنسبة لها مش شخص آخر …
أنا مش واحد من الناس اللي تعرفهم،
وهي مش واحدة من الناس اللي أنا أعرفهم…
(إحساس عميق داخل الإنسان إننا أصبحنا واحداً، هي أنا وأنا هي)
هذا هو المعنى الحقيقي للزواج؛ الوحدة الكاملة.
أشهر المفاهيم الخاطئة عن الزواج
1- السنيورة والأمير
البحث عن الفتاة ذات الجمال الخارجي… وهذا ما تزرعه في أعماقنا وسائل الإعلام المختلفة، فكل أمير يبحث عن سندريلا، وسندريلا تبحث عن أمير أحلامها.. يبحث الشاب عن الإنبهار، والفتاة تسعى لكي تستحوذ وتفوز بالشاب التي تتمناه كل فتاة!
2- الشد والجذب
هناك شيء ما جذبني إلى تلك الفتاة… لا أعرف ما الذي جذبني إليها… لذا، اسعى إليها في كل مكان…. وهذا يسعدها؛ أن هناك شخص يتعقبها في أي مكان تذهب إليه!!
هذا شيء خاطئ، فنحن لا نتكلم عن مغناطيس أو قطبين متنافرين شمالي وجنوبي!! إننا نتكلم عن زواج، فهذه الجاذبية- قبل الزواج- لا تستمر بعد الزواج، فربما حدث الإنجذاب لشيء سطحي كالشكل الخارجي للفتاة. ليس لهذا الإنجذاب أي علاقة بالزواج الناجح.
3- القسمة والنصيب
(أنا منتظر البنت المكتوبة ليّ)
(أنا منتظر قسمتي ونصيبي)
(ما يصيبك إلا نصيبك)
أقوال مشهورة ولكنها خاطئة، وللأسف انتشرت بين المسيحيين… وقد ذهلت وأنا أستمع- في أحد الأفراح- لقس (ربما لم تكن تعجبه العروس) يوصي العريس بأن يرضى بنصيبه وقسمته!! الزواج ليس (قسمة ونصيب) وأنا أنتظره دون أن يكون لي رأى واختيار، بل إختيار شريك الحياة هو مسئولية كاملة تقع على عاتقي.
4- المتعة الجنسية
عند البعض، الزواج هو استمتاع جنسي، حيث يبحث الشاب في هذه الحالة عن المتعة الجنسية. هذا ليس زواج … إنه كمن يأكل شيكولاته أو كمن يذهب إلى وليمة!! فالمرأة كائن إنساني كامل، إن لم يكن هدفك أن تسعدها، فلن تستطع هي أن تسعدك.
الزواج ليس (ماتش كورة) أو (فيلم أستمتع به) أو (ليلة للمتعة) أو (تفريغ طاقة جنسية)… إنه أبعد ما يكون عن هذه الأفكار الموجودة في أذهان الكثيرين من الناس.
5- الملكية
هذا الأمر ينطبق أكثر- في شرقنا- على الرجل الذي يقول: (أنا بقى عندي زوجة)، أو ما نُطلق عليه (سي السيد). ويؤكد البعض هذه الفكرة، بما جاء في (1بط3: 6): ” كَمَا كَانَتْ سَارَةُ تُطِيعُ إِبْرَاهِيمَ دَاعِيَةً إِيَّاهُ «سَيِّدَهَا»” للأسف، أحياناً نفسر الكتاب بحسب أهواءنا.
يعلمنا الكتاب أن إبراهيم كان يستمع إلى كلام سارة، ومثال ذلك موضوع إنجاب “إسماعيل” من هاجر، فهي فكرة سارة. لا يجب أن نأخذ عبارات من الكتاب المقدس ونحولها إلى مبادئ تخدم أهواءنا، فسارة عندما كانت تدعو إبراهيم سيدها، كانت تكرمه. والتكريم لا يعني مطلقاً السيادة… فكلمة “سيدي” التي كانت تطلقها سارة على إبراهيم لا تعني أنها صارت “عبدة”.
إذا، الإكرام مطلوب، ولكن فكرة الملكية غير مقبولة، ففي الزواج يمتلك كل طرف الآخر بالتساوي. يقول الكتاب: “لِيُوفِ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ حَقَّهَا الْوَاجِبَ، وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ أَيْضاً الرَّجُلَ. 4لَيْسَ لِلْمَرْأَةِ تَسَلُّطٌ عَلَى جَسَدِهَا بَلْ لِلرَّجُلِ، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ أَيْضاً لَيْسَ لَهُ تَسَلُّطٌ عَلَى جَسَدِهِ بَلْ لِلْمَرْأَةِ.” (1كو7: 3، 4). والمعنى هما أن لا أحد يمتلك الآخر، بل كل واحد يُملك الآخر نفسه. كذلك تقول عروس النشيد: “أَنَا لِحَبِيبِي وَحَبِيبِي لِي” (نش6: 3)، أي أنها تُملكه نفسها قبل أن تمتلكه.
أنا أوافق أن تكون الملكية مشتركة بين الزوجين. أما أن واحد يمتلك الآخر، فهذه هي العبودية أو الإستعباد بعينه، وهذا ما لايعنيه الزواج.