اختيار شريك الحياة – حلقة 12 – دور الله ودوري في اختيار شريك الحياة

اختيار شريك الحياة – حلقة 12 –  دور الله ودوري في اختيار شريك الحياة 

 وصلنا إلى الموضوع الأخير في قسم (اختيار شريك الحياة)، وقد ناقشنا- في الحلقات السابقة – ستة موضوعات من سبعة، والتي هي:

مفهوم الزواج
المبدأ الكتابي للإختيار
النضوج الإنساني
الصداقة
العلاقات العاطفية المبكرة
المواصفات الروحية والنفسية والإجتماعية
دور الله ودوري في اختيار شريك الحياة

والآن نناقش الموضوع السابع، مع الإشارة إلى ورقة “المواصفات الأساسية للإنسان”.بدايةً ونحن نناقش دور الله ودوري في اختيار شريك الحياة، اذكركم بما اتفقنا عليه ونحن نتكلم عن “سلطان الله ومسئولية الإنسان”، أنه لا يوجد مانُطلق عليه (قضاء وقدر) أو (قسمة ونصيب) في الزواج- فهناك دور إلهي- ودور إنساني في الاختيار.ونبدأ بقصة زواج إسحق (تك 24) ونسأل: ماذا كان دور إسحق في اختيار رفقة؟ والإجابة: لم يكن له أي دور، فيكاد أن يكون الدور الإلهي 100%، أما إسحق فقد خضع للمشيئة الإلهية.البعض يريد أن يكرر ما حدث في قصة زواج إسحق من رفقة. جاءني شاب قائلاً: قال لي الله أن اتزوج (فلانة)، وقد تزوجتها طبقاً لأمر الله، رغم أنني لم أفكر فيها كزوجة على الإطلاق. وللأسف (ربنا عمل فيّ مقلب كبير جداً، لأننا نعيش معاً حياة تعيسة للغاية)!!في ذهني قصص كثيرة، عن أناس تزوجوا مثلما حدث لهذا الشاب. ويعتقد البعض أن طريقة زواج إسحق من رفقة هي الطريقة المثالية للإرشاد الإلهي، وعليه يعتبرون هذه الدراسة لا قيمة لها. أما الآخرون فيقدّرون هذه الدراسة ويقولون إن الله أعطى للإنسان عقل ومبادئ بهما يستطيع أن يختار شريك حياته بطريقة صحيحة.الدور الإلهي والدور الإنسانيبالطبع، لله دور، فيعتبر اختيار الشريك رحلة للإنسان مع الله؛ حيث يأخذ الله بيد الإنسان طوال الرحلة إلى أن يرتبط بشريك حياته. أيضاً، للإنسان دور- وعليه، لابد أن يسير الدورين معاً إلى النهاية.أولاً: الدور الإلهي

الرب يُعرفني نفسي

الله هو الذي يساعدني في معرفة ذاتي، وكذلك الأمور أو الصفات الشخصية المراد بذل جهد فيها كي تتطور شخصيتي وتنضج. أبدأ مبكراً مع الله في رحلة اختيار شريك الحياة. أقول له: شكلني، واجعلني حسب قلبك كي أكون إناءً مقدساً.في ورقة “مواصفات الإنسان الرئيسية” التي سبق أن تكلمنا عنها سابقاً، يظهر دور الله وهو يساعدني في تقييم نفسي بحسب العمود الأول (من أنا). الله يقدر أن يساعدني أكثر من أصدقائي وأقربائي. لذلك احتاج إلى أن أكون قريب منه جداً لأعرف حقيقة نفسي… والتي ساعدني في معرفتها  أيضاً أصدقائي.أما أن ارتب اختياري لشريك الحياة على صوت الله لي في لحظة من اللحظات، فأمر في منتهى الخطورة- فربما لا يكون هذا الذي سمعته هو صوت الله. ولكن أن يتم الاختيار طبقاً لرحلة طويلة مع الله؛ شهور وسنين… ففي نهاية الرحلة أصير متاكداً أن هذه هي إرادة الله. 

الله يساعدني في معرفة الشخص المناسب لي

عندما أبدأ في ملء العمود الثاني في ورقة “مواصفات الإنسان الرئيسية”، لابد أن يحدث هذا في محضر الرب. إنها خطوة معقدة جداً، وبها تفاصيل كثيرة، لذلك احتاج فيها للمعونة الإلهية.وكشاب، عندما أتعرف على فتاة وأُعجب بها- أحتاج إلى الله كي لا أتعرض للخداع، فربما لا تبدو هذه الفتاة على طبيعتها وتلبس قناعاً. الله يساعدني في ملء العمود الثالث (من هو الشخص الآخر)… إنه يأخذني خطوة خطوة، ويعيد ترتيب أولوياتي.
والسؤال هنا: لماذا يريد الله أن يصحبني في رحلة البحث عن الشريك؟ ولماذا لا يريحني ويحدد لي اسم الشريك؟ للإجابة على هذا السؤال المزدوج، دعونا نتخيل الموقف الآتي: يذهب شاب لفتاة، ويقول لها: أمضيت وقتاً في الصلاة لأجل موضوع الزواج. وقد قال لي الرب أنك ستكونين شريكة حياتي. صحيح لا أستطيع التصريح بأني أحبك. لكن طاعةً لله، قررت أن أتزوجك!! بالطبع سيكون رد الفتاة بالرفض، فالزواج أساسه الحب.
إن الزواج إختيار، يُبنى على الحب والاقتناع… بمشاعري أحب وبعقلي أقتنع. لذلك، يساعدني الله وهو يسير معي خطوة خطوة في أن أحب وأقتنع. ثم أذهب إلى فتاتي كي أعبر لها عن رغبتي في أن تشاركني حياتي وليس أن الله هو الذي كلمني كي أتزوجها.
من البداية، يساعدني الله في رحلة حياتي؛ في مسيرة النضج واختيار الأصدقاء، وضبط النفس. وأخيراً يأتي وقت اختيار شريك الحياة، فيساعدني الله في ملء ورقة “مواصفات الإنسان الرئيسية”. أعمل هذه الورقة بإقتناع وفهم وحب لمن قد تكون شريكة حياتي في المستقبل. وعندئذ يمكنني بكل سهولة أن أسمع صوت الله (نعم أو لا )، لأن هناك علامات كثيرة في الطريق تساعدني في هذا الأمر.
أما في حالة إنتظار الرب أن يكلمني ويحدد لي شريكة مستقبلي، فقد تكون هذه قفزة في الظلام…. ربما يكون الأمر مبنياً على مشاعري وليس أكثر. وقد حدث لي أنا شخصياً قبل الزواج، أن أتاني البعض قائلاً: الله يقول لك تزوج (فلانة)، إنها خادمة عظيمة… وإياك أن تتزوج غيرها. أقول لكم، لو أنني سمعت مثل هذه الأصوات، لكانت عاقبتي سيئة ومستقبلي حزين. 

السلام الداخلي

في أخر رحلة اختيار شريك الحياة مع الله تأتي الطمأنينة.. أتأكد من أن هذا الشخص هو شريك حياتي. لذا، كشاب أذهب إليها قائلاً: لقد فكرت، وصليت، وبذلت جهداً  فيما يجب عمله في هذا الأمر. والآن، تأكدت وأتمنى أن تشاركيني رحلة الحياة. وهذا يختلف عن أن تذهب إليها قائلاً: عندما كنت أصلي، أشار الله وقال لي إنك سوف تشاركيني حياتي طوال العمر. إن هذه الطريقة لا تحترم حريتها وعقلها، بل ربما تضع عليها ضغطاً بسب الإدعاء أن هذه هي مشيئة الله.ثانياً: التقدم للخطوبة  عند التقدم لخطبة فتاة، لابد من مراعاة الآتي:

كن واضحاً.
عدم الزج بالله في الموضوع.
احترام حريتها وقرارها النهائي.

كشاب، سرت مع الله رحلة طويلة حتى نعمت بالسلام الداخلي والطمأنينة من جهة زوجة المستقبل. على نفس المقياس، لابد أن تأخذ الفتاة فرصتها… تفكر وتصلي حتى تصل إلى قرار. وأخيراً، لابد من احترام قرارها سواء أكان نعم أم لا.وطريقة التقدم للخطبة هامة للغاية، فهناك موضوعات ارتباط فشلت بسبب الأسلوب أو الطريقة التي تقدم بها الشاب، أو أسلوب الحديث مع الفتاة.
ثالثاً: فترة الخطوبة

ما هي الأمور المسموح بها في فترة الخطوبة، وما هي الأمور غير المسموح بها؟
ينظر الكثير من الناس إلى فترة الخطوبة على أساس أنها فترة للحصول على شقة وتجهيزها… الخ. لذلك لا يستفيد الكثيرين من هذه الفترة ولا يقومون بما هو مطلوب منهم.

في السطور التالية نضع ثلاثة أمور هامة نراعيها ونعمل على تحقيقها في هذه الفترة:

فترة الخطوبة هي اختبار عملي لإكتشاف ما نُطلق عليه (معين نظيره)؛ بمعنى إلى أي مدى نستطيع أن نفكر معاً أو نشارك أو نصلي أو نحلم للمستقبل معاً.
هي فترة لوضع الأساسات (المبادئ المشتركة) التي سوف نبني عليها زواجنا. ما هي الطريقة المثلى للتعامل معاً- ما هي الأحلام التي نسعى لتحقيقها معاً- ما هي القيم الكبرى التي سوف نتبناها… الخ.

ومن الضروري- خلال هذه الفترة-  أن نقضي أوقاتاً كثيرة في الصلاة معاً.وفترة الخطوبة هي فترة متميزة لن تتكرر. وهي مثل كل مرحلة من مراحل الحياة لا تتكرر. ففترة العزوبية لن تتكرر، فلا تتضايق إن طالت. والفترة الأولى من الزواج قبل إنجاب طفل لن تتكرر… وهكذا. لذلك يجب الاهتمام بعمل كل ما هو ضروري في كل فترة من فترات الحياة. 

ضرورة وضع حدود بين الخطيبين

والمقصود حدود للعلاقات الجنسية، مثل حدود اللمسات. لا يجب أن ينسى الخطيبين أنهما لم يتزوجا بعد، فربما لا يكملا المشوار إلى الزواج… ربما تفشل الخطوبة.هناك من يعتبر الخطوبة شبه زواج. وهذا ليس صحيحاً، فخطيبتي ليست هي زوجتي. هناك حدود وخطوط لا يجب أن أتعداها، فخطيبتي ليست ملك لي كما أنني لست ملكاً لها.لذلك، أي علاقة جنسية في تلك الفترة هي زنا. وفي حالة حدوث ذلك، يتم الزواج والطرفين منكسي الرأس ومكسورين ومشوهين- فبدلاً من أن يضعا الأساس في فترة الخطوبة، هدموا البناء.يقول الكتاب: ” لِكُلِّ شَيْءٍ زَمَانٌ، وَلِكُلِّ أَمْرٍ تَحْتَ السَّمَاوَاتِ وَقْتٌ” (جا3: 1). يجب عمل كل شيء في وقته ومكانه، حتى يمكنني الإستمتاع به. الخطوبة لها قوانين وحدود تختلف عن قوانين وحدود الزواج. إنها تشبة حدود وقوانين الصداقة أو العلاقة العاطفية.

Pin It on Pinterest

Share This