المحبة صفة وليست مشاعر وهي التي تحكم كل تعاملات الله مع الإنسان. وقد استعرضنا بعض النصوص الكتابية من العهد القديم التي تناولت محبة الله بتعبيرات كتابية مختلفة

SOC-WindosMedia-Logo.jpg SOC-PowerPoint.jpg SOC-pdf-logo.jpg SOC-Q.jpg SOC-Word.jpg
MP3 الحلقة كـ WMV الحلقة كـ P-Point الحلقة كـ PDF الحلقة كـ أسئلة الحلقة word الحلقة كـ

شخصية الله – حلقة 15– صفات الله الأدبية – تابع المحبة

بدأنا في الحلقة الماضية الجزء الثالث من شخصية الله، وهو عن الصفات الأخلاقية أو الأدبية لله بمعنى الصفات التي تتعلق بالسلوك مع الآخر أو بالعلاقات والاختيارات الأدبية الخاصة بالإرادة الشخصية.

وبدأنا بالفعل في دراسة الصفة الاولى من السلسة الذهبية لصفات الله الأدبية وهي المحبة، ورأينا كيف أن الحب الالهي حب يختلف اختلافاً كلياً عن المحبة التي نعرفها نحن، فالمحبة صفة وليست مشاعر وهي التي تحكم كل تعاملات الله مع الإنسان. وقد استعرضنا بعض النصوص الكتابية من العهد القديم التي تناولت محبة الله بتعبيرات كتابية مختلفة.

في هذه الحلقة سوف نغوص أكثر في بحر هذه المحبة الذي لا يحد وسوف ندرس معاً صفاتها.

بعض الآيات من العهد الجديد

– “أَوَ مَا يَحِلُّ لِي أَنْ أَفْعَلَ مَا أُرِيدُ بِمَالِي؟ أَمْ عَيْنُكَ شِرِّيرَةٌ لأَنِّي أَنَا صَالِحٌ”؟ (مت20: 15)

– “لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ ” (يو3: 16)

– “وَلاَ عُلْوَ وَلاَ عُمْقَ وَلاَ خَلِيقَةَ أُخْرَى تَقْدِرُ أَنْ تَفْصِلَنَاعَنْ مَحَبَّةِ اللهِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا”. (رو8: 39 )

– “أَخِيراً أَيُّهَا الإِخْوَةُ افْرَحُوا اكْمَلُوا. تَعَزَّوْا. اهْتَمُّوا اهْتِمَاماً وَاحِداً. عِيشُوا بِالسَّلاَمِ وَإِلَهُ الْمَحَبَّةِ وَالسَّلاَمِ سَيَكُونُ مَعَكُمْ “(2كو13: 11)

– “نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَمَحَبَّةُ اللهِ وَشَرِكَةُ الرُّوحِ الْقُدُسِ مَعَ جَمِيعِكُمْ. آمِينَ”. (2كو13: 14 )

صفات محبة الله

يوجد عدة صفات أساسية لهذا النوع الفريد من المحبة والذي يصفه يوحنا الرسول في رسالته:

“بِهَذَا قَدْ عَرَفْنَا الْمَحَبَّةَ: أَنَّ ذَاكَ وَضَعَ نَفْسَهُ لأَجْلِنَا، فَنَحْنُ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَضَعَ نُفُوسَنَا لأَجْلِ الإِخْوَةِ.” (1يو3: 16).

وكلمة المحبة ليست غريبة على آذان الناس، ولكن الرب يسوع أعطى هذه الكلمة معنى وبعد وعمق مختلف… أعطى لها مواصفات جديدة:

1) محبة غير مشروطة:

اختار الله أن يحب الانسان محبة غير مشروطة لأنه يملكها وهي نابعة منه: “وَلَكِنَّ اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا” (رو5: 8 )

 إن سبب محبة الله لنا كما نحن ليس أننا نستطيع تقديم أو صنع أي شيء لله فالسبب ليس فينا بل السبب الحقيقي هو عند الله ذاته وهو أنه هو محبة.

لقد اعتدنا في تربيتنا ونشأتنا منذ الصغر، وفي مدارسنا، وللأسف الشديد في كنائسنا أيضاً أن نسمع عبارات مثل: “أسمع الكلام علشان أحبك”، “أسمع الكلام علشان ربنا يحبك”. وتشكلت أعماقنا بهذا المفهوم أنه حتى نستطيع أن نكسب الحب يجب علينا أن نصنع شيئاً للوالدين في البيت أو للمدرسين في المدرسة أو لله حتى نكون مستحقين لمحبته، فعلينا دائماً أن نطيع وصاياه وننفذ أوامره وإلا فإننا نكون غير مستحقين لهذا الحب. وبالتالي أصبح الحب مكافأة مقابل ما أصنعه… إذاً فمن الممكن أن أستحق هذه المكافأة ومن الممكن أن لاأستحقها أيضاً.

هذا المفهوم الخاطئ عن الحب أفرغ الحب من محتواه الحقيقي وشوه الصورة الالهية التي رسمها الله وصاغها لهذه الصفة الرائعة، فأهمية الحب تنبع من أنه يمدنا بالشبع والأمان والقيمة ولكن إذا أصبح الحب هو مكافأة نستحقها عندما نتمم فرائض وأحكام وأوامر الله لنا فهو بالتالي لم يصبح مصدر الأمان والقيمة بل تحول ليصير مصدراً للألم والتعاسة – فالحب كما درسنا في الحلقة الماضية هو الاحتياج الرئيسي للكائن الأدبي- لأننا لا ولن نستطيع أن نكون مستحقين لهذه المحبة الالهية بإستمرار فنحن ننجح بعض الأوقات ونفشل في معظمها.

 السبب الثاني الذي يجعل الله يُحبني هذه المحبة غير المشروطة هي أنه يرى قيمتي الحقيقية كإنسان، فهو يراني تحفتة الالهية التي صنعتها يداه، فأنا الكائن الأدبي الأبدي الوحيد الحامل للبصمة الإلهية في أعماقي, فقطعة الذهب أو الألماس مهما أتى عليها من أتربة وعلت عليها القاذورات فهي مازالت ذهب ومازالت قيمتها ثابتة لم تتغير. هكذا نحن فمهما غمرتنا دناسة الخطية أو علت علينا قذارة العالم فقيمتنا في نظر إلهنا ثابتة لم ولن تتغير.

هذا، وهناك فرق بين محبة الله لنا وبين علاقتنا بالله، فمحبة الله لنا غير مشروطة أما علاقتنا بالله فهي تتوقف على رغبتنا فيها وعلى بحثنا عنها وأهميتها بالنسبة لنا وطلبنا إياها.

2) محبة غير محدودة:

رأينا أن الله كائن غير محدود وبالتالي كل صفة من صفاته هي في ذاتها غير محدودة، ففي قدرته ليس له نهاية، وفي معرفته مالانهاية، أيضاً في محبته هو غير محدود لذلك فمحبته هي من الأزل وإلى الأبد.

“تَرَاءَى لِي الرَّبُّ مِنْ بَعِيدٍ:وَمَحَبَّةً أَبَدِيَّةً أَحْبَبْتُكِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ أَدَمْتُ لَكِ الرَّحْمَةَ”. (إر31: 3)

كل كائن يحب على قدر استطاعته وقدرته، والله أيضا يحبنا محبة على قدر إمكانياته وإستطاعته، ولأنه غير محدود فهو يحبنا محبة غير محدودة. هذه الحقيقة من السهل فهمها ومن الصعب تخيلها, فكما درسنا أن الله غير محدود ويعبر عنه بالمالانهاية في الارقام، فإذا قسّمنا المالانهاية على عدد الساكنين على كرتنا الارضية فإن نصيب الواحد من محبة الله هي مالانهاية من المحبة الإلهية، وهذا هو معنى أن محبة الله غير محدودة.

“وَأَنْتُمْ مُتَأَصِّلُونَ وَمُتَأَسِّسُونَ فِي الْمَحَبَّةِ، حَتَّى تَسْتَطِيعُوا أَنْ تُدْرِكُوا مَعَ جَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ مَا هُوَ الْعَرْضُ وَالطُّولُ وَالْعُمْقُ وَالْعُلْوُ، وَتَعْرِفُوا مَحَبَّةَ الْمَسِيحِ الْفَائِقَةَ الْمَعْرِفَةِ، لِكَيْ تَمْتَلِئُوا إِلَى كُلِّ مِلْءِ اللهِ”. (أف3: 18, 19)

لايوجد أي عمل يمكن أن تعمله يجعل الله يحبك أكثر ولايوجد أي أمر تصنعه يجعل الله يحبك أقل.

3) محبة صالحة:

“وَلاَ تُشَاكِلُوا هَذَا الدَّهْرَ بَلْ تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ لِتَخْتَبِرُوا مَا هِيَ إِرَادَةُ اللهِ الصَّالِحَةُ الْمَرْضِيَّةُ الْكَامِلَةُ”. (رو12: 2 )

محبة الله دائماً صالحة للإنسان فهو يريد لنا كل الخير والسعادة والرضى على المستوى الروحي والنفسي والجسدي، ولن يضحي بخيري وسعادتي في بُعد من هذه الأبعاد لحساب بُعد أخر، إنما يريد الصلاح لنا على كل المستويات، فإرادة الله كاملة الصلاح والمحبة والشبع.

وإلى اللقاء في الحلقة القادمة حيث نستكمل معاً دراسة صفات المحبة الالهية

أسئلة للمناقشة

 ما الفرق بين الصفات الطبيعية والصفات الأدبية لله ؟
هل القداسة تاتي فى الترتيب الأول أم المحبة ولماذا ؟
ما هي صفات محبة الله ؟
لماذا محبة الله غير مشروطة؟
ماهو موقف الله من الخاطي؟
لماذا يكره الله الخطية؟
كيف يمكنني أن أتمتع بهذه المحبة الغير مشروطة والغير محدودة والصالحة؟
ما اكثر وقت تشك فيه ان اللة يحبك ؟
ما هي التحديات التي تمر بها في محبتك للأخرين ؟