هل الانسان مثل قطع الشطرنج التي يُحركها الله كما يشاء دون أي إرادة من الإنسان؟ هل الحياة عبارة عن فيلم قد سبق الله بكتابة السيناريو الخاص به ويستخدمنا لكي نلعب أدواره المختلفة؟

إذا سلمنا بأن سلطان الله كامل وحرية الإنسان محدودة، كيف يحاسبنا الله على أفعالنا وأخطائنا، وكيف نكون مسئولين عن مصيرنا الأبدي وحريتنا في إتخاذ قراراتنا المحدودة؟! وإذا فرضنا أن حرية الانسان غير محدودة وكاملة وأنه يستطيع أن يفعل ما يشاء وقتما يشاء، فكيف يسمح الله بهذه الفوضى وكيف يسمح صاحب السلطان بأن يتنازل عن سلطانه للانسان المحدود؟

يوجد مجموعة من الاسئلة الفلسفية التي نجاوب عنها دائما بفكر المقدر والمكتوب أو القضاء والقدر وغيرها من الأفكار الخاطئة الفاسدة التي تضللنا وتعصف بنا في طريق الحياة مع الله، لأن طرق تفكيرنا وإجابتنا على الأسئلة السابقة تدين الله وتشوه صورته أمام عيوننا, فعدم التوازن بين سلطان الله وبين مسئولية الانسان سوف ينشئ عنه الكثير من السلوكيات المريضة والعقائد المشوهة عن الله

الله هو الخالق الوحيد لهذا الكون، فقد خلق السموات والأرض وكل ما فيها. في الأصحاح الأول والثاني من سفر التكوين يتحدث الوحي عن خلق الله للعالم وأيضا في سفر الرؤيا يؤكد الوحي هذه الحقيقة:
– «أَنْتَ مُسْتَحِقٌّ أَيُّهَا الرَّبُّ أَنْ تَأْخُذَ الْمَجْدَ وَالْكَرَامَةَ وَالْقُدْرَةَ، لأَنَّكَ أَنْتَ خَلَقْتَ كُلَّ الأَشْيَاءِ، وَهِيَ بِإِرَادَتِكَ كَائِنَةٌ وَخُلِقَتْ».(رؤ4: 11)
والله لم يخلق الخليقة بكل ما فيها فقط، بل أيضاً وضع لها القوانين اللازمة لحكم هذه الخليقة

في الأصحاح الأول من سفر التكوين والثاني نستطيع أن نميز ثلاثة أنواع من الخلائق في عالمنا وكوكبنا الذي نعيش فيه وهي:

نلاحظ في الخليقة الغير بيولوجية “المادية” أن القوانين الخاصة بها هي قوانين مطلقة أي تنفذ نفسها بنفسها ولاتحتاج من الله أن يتدخل لتنفيذها كلما استدعت الحاجة. ونلاحظ أيضاً أن الخليقة البيولوجية “الكائن الحي” خاضعة للقوانين التي تحكم الخليقة الغير بيولوجية “المادية” مثل الجاذبية، فالخليقة البيولوجية لا تستطيع أن تتجاهل قانون الجاذبية بل يجب عليها أن تخضع له وتحترمه, لكن الخليقة الحية البيولوجية لا نخضع فقط للقوانين المادية بل أيضاً وضع الله مجموعة أخرى من القوانين التي هي قوانين الحياة والغرائز والتنفس والإخراج والتكاثر وقد وضعها الله عندما خلق الخليقة لكي تحفظها وتحكمها. أيضاً نستطيع أن نميز نوع أخر من الخلائق خلقه الله ألا وهو الإنسان الذي هو رأس الخليقة وتاجها، فهو الوحيد المخلوق على صورة الله وله شخصية أدبية تميزه كشخصية الله الأدبية، فلا نستطيع أن نخلط بين خلق الله للحيوانات وبين خلقه للإنسان , فالإنسان خاضع للقوانين المادية وخاضع أيضاً للقوانين البيولوجية لأنه كائن حي له شخصية أدبية وعنده البعد والإحساس الأخلاقي وله القدرة على الاختيار والإبداع، لذا سُمي بالكائن الأدبي. وكما وضع الله القوانين المادية لحكم العالم المادي ووضع قوانين الحياة لضبط الخليقة البيولوجية، وضع أيضاً القوانين الأخلاقية لحكم الكائن الأدبي وتنظيم العلاقة بينه وبينها, وبينها وبين باقي الخلائق الأخرى باعتباره الأسمى بين المخلوقات, وبينه وبين مثيله
ولأن الله هو واضع كل هذه القوانين سواء المادية أو البيولوجية أو الأخلاقية، فهو يحترم هذه القوانين التي وضعها ويتعامل معها ومن خلالها ولايسمح لنفسه على الإطلاق أن يكسر أي منها أو يستهين بإحداها, وهذا على النقيض تماماً من الذي يحدث في مجتمعاتنا، فواضع القوانين يعتبر نفسه أعلى من القانون وبالتالي يعطي لنفسه كل الحق أن يكسره وقتما يشاء وكيفما يشاء. الله لم يجبره أحد على وضع هذه القوانين بل هو الذي وضعها بنفسه ويريد الجميع أن يحترموها ويخضعوا لها، لذلك فالله فهو أول شخص يحترم هذه القوانين وبالطبع هذا لايقلل من شأنه أو إمكانياته في أي شيء

لمعرفة الإجابة عن هذا السؤال بإستفاضة يمكنك مشاهدة دراسة سلطان الله ومسئولية الإنسان على هذا الرابط

https://schoolofchrist.tv/school-of-christ/jesus-personality/index.1.html