في هذه الحلقة، سوف نتناول صفة الأمانة؛ الصفة الأخيرة من صفات الله الأدبية

SOC-WindosMedia-Logo.jpg SOC-PowerPoint.jpg SOC-pdf-logo.jpg SOC-Q.jpg SOC-Word.jpg
MP3 الحلقة كـ WMV الحلقة كـ P-Point الحلقة كـ PDF الحلقة كـ أسئلة الحلقة word الحلقة كـ

شخصية الله – حلقة 22 – صفات الله الأدبية – الأمانة

تناولنا في الحلقة الماضية صفة الحكمة وهي الصفة السادسة من صفات الله الأدبية والتي تتعلق بالمبادئ والقيم التي يتعامل بها الله مع الخليقة، ودرسنا تعريف الحكمة ومظاهرها والتي تتمثل في الخلق والفداء والكنيسة التي هي جسد المسيح ملء الذي يملأ الكل في الكل، وكيف يدعونا الله أن نطلب هذه الحكمة النورانية النازلة من فوق لكي نستطيع أن نُحضر كل إنسان إلى طاعة المسيح.

في هذه الحلقة، سوف نتناول صفة الأمانة؛ الصفة الأخيرة من صفات الله الأدبية.

 

تعريف الأمانة

“لأَنَّ الرَّبَّ صَالِحٌ. إِلَى الأَبَدِ رَحْمَتُهُ وَإِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ أَمَانَتُهُ” (مز100: 5)

تعني الأمانة أن الله لايتغيُر في صفاته ولا يُغير ما خرج من شفتيه من وعود وعهود (الوفاء والاخلاص) فإذا ما قرر أن يدخل معنا في عهد لن يكسره أو يخلفه.. إذا خرج منه وعد في أمر ما فلن يرجع عن تحقيقه.

من الرائع والمريح أن نتعامل مع شخص له هذه الصفة وهي عدم التغيير، فسبب مشاكلنا وعدم راحتنا مع بعضنا البعض هو أننا نتغير، فرأينا اليوم مخالف بل قد يعارض رأينا بالأمس، فكثيراً ما ندخل في عهود مع بعضنا البعض مثل عهد الزواج الذي فيه نتعهد أن نبقى أمناء وأوفياء ومحبين مخلصين لبعضنا، ولكن تمر الأيام ويصبح كسر العهد هو السمة التي تصف الكثير من الزيجات في هذه الأيام، حتى صارت نسبة الطلاق أكثر من أي وقت مضى.

“أَيُّهَا الرَّبُّ إِلَهُ السَّمَاءِ الإِلَهُ الْعَظِيمُ الْمَخُوفُ الْحَافِظُ الْعَهْدَ وَالرَّحْمَةَ لِمُحِبِّيهِ وَحَافِظِي وَصَايَاهُ” (نح1: 5)

لايوجد ما يبطل أمانة الله على الاطلاق حتى ولو كنا غير أمناء، وهذا ما يقوله الرسول بولس:

“إِنْ كُنَّا غَيْرَ أُمَنَاءَ فَهُوَ يَبْقَى أَمِيناً، لَنْ يَقْدِرَ أَنْ يُنْكِرَ نَفْسَهُ (ينكر صفاته)”(2تي2: 13)

أيضاً يذكر الكتاب عن الله ما يأتي:

– “فَقَالَ سُلَيْمَانُ: إِنَّكَ قَدْ فَعَلْتَ مَعَ عَبْدِكَ دَاوُدَ أَبِي رَحْمَةً عَظِيمَةً حَسْبَمَا سَارَ أَمَامَكَ بِأَمَانَةٍ وَبِرٍّ وَاسْتِقَامَةِ قَلْبٍ مَعَكَ، فَحَفِظْتَ لَهُ هَذِهِ الرَّحْمَةَ الْعَظِيمَةَ وَأَعْطَيْتَهُ ابْناً يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّهِ كَهَذَا الْيَوْمِ”. (1مل3: 6)

– “وَأَنَا قُلْتُ فِي حَيْرَتِي: إِنِّي قَدِ انْقَطَعْتُ مِنْ قُدَّامِ عَيْنَيْكَ. وَلَكِنَّكَ سَمِعْتَ صَوْتَ تَضَرُّعِي إِذْ صَرَخْتُ إِلَيْكَ.أَحِبُّوا الرَّبَّ يَا جَمِيعَ أَتْقِيَائِهِ. الرَّبُّ حَافِظُ الأَمَانَةِ وَمُجَازٍ بِكَِثْرَةٍ الْعَامِلَ بِالْكِبْرِيَاءِ”. (مز31: 22- 23)

– “لاَ أَنْقُضُ عَهْدِي وَلاَ أُغَيِّرُ مَا خَرَجَ مِنْ شَفَتَيَّ”. (مز89: 34)

– “مِنْ قِدَمٍ أَسَّسْتَ الأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتُ هِيَ عَمَلُ يَدَيْكَ. هِيَ تَبِيدُ وَأَنْتَ تَبْقَى وَكُلُّهَا كَثَوْبٍ تَبْلَى كَرِدَاءٍ تُغَيِّرُهُنَّ فَتَتَغَيَّرُ.وَأَنْتَ هُوَ وَسِنُوكَ لَنْ تَنْتَهِيَ”. (مز102: 25- 27)

– “يَسُوعُ الْمَسِيحُ هُوَ هُوَ أَمْساً وَالْيَوْمَ وَإِلَى الأَبَدِ” (عب13: 8)

– “كُلُّ عَطِيَّةٍ صَالِحَةٍ وَكُلُّ مَوْهِبَةٍ تَامَّةٍ هِيَ مِنْ فَوْقُ، نَازِلَةٌ مِنْ عِنْدِ أَبِي الأَنْوَارِ الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ تَغْيِيرٌ وَلاَ ظِلُّ دَوَرَانٍ” (يع1: 17)

– “فَإِذاً، الَّذِينَ يَتَأَلَّمُونَ بِحَسَبِ مَشِيئَةِ اللهِ فَلْيَسْتَوْدِعُوا أَنْفُسَهُمْ كَمَا لِخَالِقٍ أَمِينٍ فِي عَمَلِ الْخَيْرِ”.(1بط4: 19)

– “وَمِنْ يَسُوعَ الْمَسِيحِ الشَّاهِدِ الأَمِينِ، الْبِكْرِ مِنَ الأَمْوَاتِ، وَرَئِيسِ مُلُوكِ الأَرْضِ. الَّذِي أَحَبَّنَا، وَقَدْ غَسَّلَنَا مِنْ خَطَايَانَا بِدَمِهِ، وَجَعَلَنَا مُلُوكاً وَكَهَنَةً لِلَّهِ أَبِيهِ، لَهُ الْمَجْدُ وَالسُّلْطَانُ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. آمِينَ”. (رؤ1: 5- 6)

في الكثير من الاحيان، يصعب علينا أن نصدق أن الله يتصف بهذه الصفة، فمن غير المعقول وجود شخص ثابت لا يتغير يحفظ الأمانة، وذلك لأننا نتغير ولا نحفظ العهد، فقد نظرنا إلى أنفسنا وتخيلنا أن الله يشبه وجه خلقتنا، بدلاً من النظر إلى الصورة الإلهية لنتغير نحن ونصير على صورته، فنحن لا نستطيع أن نتغير طالما نظرنا إلى صورتنا المليئة بالفساد. السر الوحيد في تغيرنا هو في النظر إلى الشخص الكامل كي تتغير أعماقنا فنعكس صورة مجده للمحيطين بنا.

وهذا ما يشهد عنه إبراهيم الذي وعده الله بابن في شيخوخته، وقد تأنى الله عليه حتى ظن أن الله قد نسيه ونسي وعده، فقرر أن يساعد الله في تحقيق وعده فتزوج من هاجر. لقد انتظر الله حتى فقد إبراهيم كل رجاء وفقدت سارة كل قدرة على إنشاء نسل فأصبحت المعجزة مؤكدة ولاتحتمل الشك أو التفسير الخاطئ. وطوال مشوار الانتظار كان الله يؤكد لإبراهيم حفظه لوعده وعهده وأمانته. أيضاً، وعد الله أن يأتي المسيح الى عالمنا لكي يخلص الإنسان، وبعد آلاف السنين تحقق الوعد. كما وعد الله أن يسكب من روحه على كل بشر في نبؤة يوئيل النبي وهذا ماحدث مع الرسل في يوم الخمسين. فالله أمين ينفذ ويحقق ما قد تكلم عنه ووعد به.

الله وهو كلي الجمال والجلال وفي قدرته غير المحدودة وعلمه غير المستقصى، قد أحبنا وبذل نفسه من أجلنا… لأجل من شوهته الخطية وأفسدت صورة الله التي خلقه عليها. هذا الاله البارع الجمال في كل صفاته التي رأيناه في دراستنا.. إنه المحب محبة غير محدودة والقدوس الذي في قداسته يكره كل أمر يشوه ويفسد صورة الانسان الذي خلقه.. الذي في محبته قرر أن يرحم الانسان في ضعفه فيُصلب من أجله ويحمل عاره وخطيته، رغم أنه البار في كل طرقه، والحق الذي ليس فيه تغيير ولاظل دوران… يستخدم كل الإمكانيات بحب لمصلحة وخير الإنسان, وهو في كل هذا لايتغير ولاينكر نفسه.

أمام هذا الجمال والجلال لايسعنا إلا أن نقف مشدوهين منبهرين. وعندما يطلب منا الله أن نحبه من كل قلوبنا وأفكارنا وقدراتنا، لا يمكننا عندئذ أن نمسك نفوسنا وأرواحنا عن حب هذا الشخص الفريد, وخاصة وهو يطلب هذا ليس لأنه محتاج إلى محبتنا- رغم أنه يقدرها- ولكن لأجل خيرنا:

“فَالآنَ يَا إِسْرَائِيلُ مَاذَا يَطْلُبُ مِنْكَ الرَّبُّ إِلهُكَ إِلا أَنْ تَتَّقِيَ الرَّبَّ إِلهَكَ لِتَسْلُكَ فِي كُلِّ طُرُقِهِ وَتُحِبَّهُ وَتَعْبُدَ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَتَحْفَظَ وَصَايَا الرَّبِّ وَفَرَائِضَهُ التِي أَنَا أُوصِيكَ بِهَا اليَوْمَ لِخَيْرِك”َ. (تث10: 12, 13)

أيضاً، يقول كاتب المزمور: “لأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِي أُنَجِّيهِ. أُرَفِّعُهُ لأَنَّهُ عَرَفَ اسْمِي.”مز91: 14) فعندما نتعلق به ونعرفه ينجينا ويرفًعنا.

الآن، بعد كل هذا، كيف لا نحب شخص له كل هذا الجمال والجلال؟ كيف ندير الوجه عن النظر والعين عن الفحص في هذا الجمال الرائع المبهر.

إن معرفتنا بالله هي العمود الفقري لعلاقتنا به فكلما عرفناه وأدركناه ازدادت محبتنا له وإعجابنا به، فنعطيه حياتنا وأجسادنا ونفوسنا، وبهذا نعيش الحياة الحقة التي ترضي وتفرح قلب السيد.

قيمة صفة الأمانة في الله

تجعلنا نثق في الله أكثر لأنه لا يتغير فوعوده ثابتة وعهوده لاينقضها، فوعده بالعناية والرعاية ثابت وهذا ليس معناه أننا لا نعاني الضيق أو الألم في هذه الحياة، بل بسبب رفقته معنا في رحلة الحياة ينهزم الخوف في داخلنا ويذهب عدم الاحساس بالأمان إلى غير رجعة.

– “أَيْضاً كُنْتُ فَتىً وَقَدْ شِخْتُ وَلَمْ أَرَ صِدِّيقاً تُخُلِّيَ عَنْهُ وَلاَ ذُرِّيَّةً لَهُ تَلْتَمِسُ خُبْزاً” ( مز37: 25)

تجعلنا ننتظر الله في الصلاة ونثابر فيها موقنين أنه يسمع ويستجيب في الوقت المناسب، لأنه عندما يعد بأمر ما فإنه يفي ما وعد به ولايغير ما خرج من شفتيه

– “لِهَذَا السَّبَبِ أَحْتَمِلُ هَذِهِ الأُمُورَ أَيْضاً. لَكِنَّنِي لَسْتُ أَخْجَلُ، لأَنَّنِي عَالِمٌ بِمَنْ آمَنْتُ، وَمُوقِنٌ أَنَّهُ قَادِرٌ أَنْ يَحْفَظَ وَدِيعَتِي إِلَى ذَلِكَ الْيَوْم” (2تي1: 12)

– “لاَ أَنْقُضُ عَهْدِي وَلاَ أُغَيِّرُ مَا خَرَجَ مِنْ شَفَتَيَّ”. (مز89: 34)

أن نكون مخلصين وأمناء في علاقاتنا مع أصدقائنا ومع شريك الحياة.

أخيراً، أدعوك عزيزي القارئ أن تفتح عينيك في هذا النور الباهر لكي تستنير.. املأ عينيك بهذا الشخص الرائع لتجد نفسك منجذباً له.. تفحص هذا الشمس لينير لك أعماق قلبك فيغيرك إلى صورته البديعة، فكل ما رأيناه في رحلتنا الماضية ما هو إلا لمحة من ذلك الضياء، ولقد زيد لك مجاناً أن تتعرف وتفهم وتدرك من هو هذا الشخص الرائع.

بانتهاء دراسة الصفة السابعة من صفات الله الادبية تنتهي دراستنا في شخصية الله وإلى اللقاء في الدراسة القادمة تحت عنوان”سلطان الله ومسئولية الإنسان”، وفيها سنجيب على الكثير من الأسئلة التي تتوارد على خواطرنا ومنها: هل الإنسان مسير أم مخير؟ لماذا يحاسب الله الانسان طالما أنه هو القادر على كل شيء ويعرف كل شيء؟ وغيرها… وسوف نشرح العديد من الحقائق التي تهمنا في رحلتنا مع الله.

أسئلة للمناقشة

  • ما معني صفة الأمانة في الله أي ما معني أن الله أمين ؟

  • ما هي قيمة صفة الأمانة في الله بالنسبة لك ؟

  • أذكر 3 وعود وعدنا الله بها وحقق ما وعد به؟

  • ماهي علاقة الامانة بكل صفات الله الادبية الاخرى؟

  • كيف يمكن أن تكون أمانة الله هي السند الحقيقي في وقت تألمنا؟

  • ماهي الأسباب التي تمنعنا أن نكون أمناء مع الله ومع الأخرين ؟

  • فكر في عهود قطعتها على نفسك تجاه الاخريين ولم تستطيع أن تحفظها, (أذكرها إن كنت تريد) وأكتب الخطوات العملية التي سوف تتخذها لكي تفي بهذه العهود